اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 175
3 - وقال أبو تمام:
يقول أناس في حبيناء عاينوا ... عمارة رحلي من طريف وتالد
أأظهرت كنزاً أم صبحت بغارة ... ذوي غرة حاميهم غير شاهد
فقلت لهم لا ذا ولا ذاك ديدني ... ولكني أقبلت من عند خالد وهذا من معاني العوام أن يقولوا لمن رأوا حاله قد حسنت: على من أغرت أو أي كنز وجدت؟ وما ظننت مثل هذا ينظم في شعره. وقوله: " أقبلت من عند خالد " كلام فارغ. وإنما كان ينبغي لمن ابتلاه الله بهذا المعنى أن يقول في جوابهم: نعم كنز خالد. وأغار على ندى خالد، ولكنه لعمري بين المعنى في البيت الثاني وعرفهم عمارة رحله بأن قال:
جذبت نداه غدوة السبت جذبة ... فخر صريعاً بين أيدي القصائد وهذا وأبيه معنى متناه في برده وغثاثته وركاكته، ولشتيمة الممدوح عندي بالزنا أحسن وأجمل من جذب نداه حتى يخر صريعاً؟ ولو لم يعلمنا أن ذلك كان غدوة السبت كيف كان يتم برد المعنى [1] !!
4 - وقال أبو تمام:
شكوت إلى الزمان نحول جسمي ... فأرشدني إلى عبد الحميد لو كان عبد الحميد طبيباً كان يمون معنى البيت مستقيماً لأن الرجل المعتر الطالب الجدوى لا يشكو نحول جسمه إلى ممدوحه الذي يلتمس الفضل منه، وإنما يشكو إليه اختلال الحال وقصور اليد، فأما أن يشكو إليه نحول الجسم فإن ذلك غاية الخناعة والنذالة والانحطاط في المسألة، إنه يخبره بشدة جوعه وأن ذلك هو أذاب لحمه، وهذا لا يقوله شاعر على هذا الوجه [2] . [1] الموازنة 2: 325. [2] الموازنة 2: 327.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 175