اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 173
الشعر لديه عالم مستقل من النغمة العذبة واللفظة المألوفة والمعنى المألوف، لا دخل له بالأفكار المتفردة والصياغة المتعملة والإشارات البعيدة، وهو في هذا شبيه بابن طباطبا، إلا أنه لا يهتم اهتمام أبن طباطبا بكيفية الصياغة، ولا يعرف كثيراً عن العلاقة الصناعية بين القصيدة والرسالة، وإنما يتذوق الصياغة الجميلة إذ رآها دون أن يبحث كثيراً عما يمنحها صفة الجمال، ولذلك تجده في أحكامه يسرع إلى القول بأن هذا " ما لا غاية وراءه في الحسن والصحة والبراعة " أو " حسبك بهذا حسناً وحلاوة " إلى عشرات من هذه الوقفات الذوقية الخالصة التي لا تعتمد شيئاً مما قرره في نظريته من تعليل. وتتملكه صيحات الإعجاب. كأن يقول بعد رواية أبيات للبحتري: " هذا والله هو الشعر لا تعليلات أبي تمام بطباقه وتجنيسه وفرط تقعره وكثرة إحالاته " [1] ، أو يقول: " وهذا والله الكلام العربي والمذهب الذي يبعد على غيره أن يأتي بمثله " [2] ، أو يقول: " وهذا إحسان البحتري الذي لا يفي ببراعة معناه شيء " [3] ، أو يقول: " وهذا هو الذي يأخذ بمجامع القلب ويستولي على النفس " [4] ، وقد ينال أبو تمام إعجابه فيقول: " وهذا ما لا مدفع لجودته وحسنه، وكأنه صفوة خاطر أبي تمام " [5] ، أو يقول: " وقال أبو تمام في النائل النزر القليل ما هو فوق كل حسن وحلاوة " (6) [1] الموازنة 2: 118. [2] نفسه: 177. [3] نفسه: 232. [4] نفسه: 199. [5] نفسه: 118.
(6) نفسه: 132.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 173