اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 37
وأجيب عنه بوجوه: أحدها: أن المعنى[1]: نشهد شهادة واطأت فيها قلوبنا ألسنتنا كما يترجم عنه: إن واللام وكون الجملة اسمية[2] في قولهم: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} ؛ فالتكذيب في قولهم: {نَشْهَدُ} وادعائهم فيه المواطأة، لا في قولهم: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} . ولدفع هذا التوهم وسط بينهما قوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} . وثانيها: أن التكذيب في تسميتهم إخبارهم شهادة؛ لأن الإخبار إذا خلا عن المواطأة لم يكن شهادة في الحقيقة. وثالثها: أن المعنى: لكاذبون في قولهم: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} عند أنفسهم؛ لاعتقادهم أنه خبر على خلاف ما عليه حال المخبر عنه[3].
وأنكر الجاحظ انحصار الخبر في القسمين، وزعم أنه ثلاثة أقسام: صادق، وكاذب، وغير صادق ولا كاذب؛ لأن الحكم إما مطابق للواقع مع اعتقاد المخبر له أو عدمه[4]، وإما غير مطابق مع الاعتقاد أو عدمه[5]. فالأول أي: المطابق مع الاعتقاد[6] هو الصادق. والثالث أي: غير المطابق مع الاعتقاد[7] هو الكاذب، والثاني والرابع -أي: المطابق مع عدم الاعتقاد[8]، وغير المطابق مع عدم الاعتقاد9- [1] يريد معنى قولهم: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} . [2] لأن كل واحد من الثلاثة يفيد تأكيد الخبر كما سيأتي. [3] فيكون الكذب راجعا إلى الواقع في زعمهم كما عليه الجمهور لا إلى الاعتقاد, وعلى هذا يكون التكذيب في المشهود به لا في الشهادة كما في الوجه الثاني. [4] أي: مع اعتقاد المخبِر بأنه مطابِق، أو عدم اعتقاده بأنه مطابق. [5] أي: مع الاعتقاد بأنه غير مطابق، أو عدم الاعتقاد بأنه غير مطابق. [6] بأنه مطابق. [7] بأنه غير مطابق. [8] بأنه مطابق. وعدم الاعتقاد بهذا تحته صورتان: ألا يكون عنده اعتقاد أصلا، وأن يكون عنده اعتقاد بأنه غير مطابق، والصورة الأولى تأتي في خبر الشاك، والثانية كقول المنافق: "محمد رسول الله".
9 بأنه غير مطابق، وعدم الاعتقاد بهذا تحته صورتان أيضا: عدم الاعتقاد أصلا، والاعتقاد بأنه مطابق؛ كقول الكافر: محمد غير رسول.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 37