responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال    الجزء : 1  صفحة : 38
كل منهما ليس بصادق ولا كاذب[1]. فالصدق عنده: مطابقة الحكم للواقع مع اعتقاده، والكذب: عدم مطابقته مع اعتقاده، وغيرهما ضربان: مطابقته مع عدم اعتقاده، وعدم مطابقته مع عدم اعتقاده، واحتج بقوله تعالى: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} [سبأ: 8] فإنهم حصروا دعوى النبي -صلى الله علية وسلم- الرسالة في الافتراء والإخبار حال الجنون، بمعنى امتناع الخلو[2]، وليس إخباره حال الجنون كذبا؛ لجعلهم الافتراء في مقابلته، ولا صدقا؛ لأنهم لم يعتقدوا صدقه؛ فثبت أن من الخبر ما ليس بصادق ولا كاذب.
وأجيب عنه بأن الافتراء هو الكذب عن عمد؛ فهو نوع من الكذب؛ فلا يمتنع أن يكون الإخبار حال الجنون كذبا أيضا؛ لجواز أن يكون نوعا آخر من الكذب؛ وهو الكذب لا عن عمد، فيكون التقسيم للخبر الكاذب، لا للخبر مطلقا، والمعنى: أفترى أم لم يفتر؟ وعبر عن الثاني بقوله: {أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} ؛ لأن المجنون لا افتراء له[3].
تنبيه آخر:
وهو مما يجب أن يكون على ذكر الطالب لهذا العلم؛ قال السكاكي[4]: "ليس من الواجب في صناعة -وإن كان المرجع في أصولها وتفاريعها إلى مجرد العقل- أن يكون الدخيل فيها كالناشئ عليها في استفادة الذوق منها، فكيف إذا كانت

[1] بهذا يكون بين الصدق والكذب واسطة عند الجاحظ، بخلاف الجمهور والنظام.
[2] أي: والجمع؛ لأن قوله: "وليس إخباره حال الجنون كذبا" يدل على أنها مانعة جمع أيضا، ولو كانت مانعة خلو فقط لجاز أن يكون إخباره حال الجنون كذبا؛ لأن مانعة الخلو تجوز الجمع، فلا تثبت الواسطة بين الصدق والكذب.
[3] رأيي في هذه الخلافات بعد الانتهاء منها, أنها خلافات لا طائل تحتها.
[4] المفتاح ص90.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال    الجزء : 1  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست