اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 36
ولفظ الكلام البليغ إما زائد على أصل المراد لفائدة، أو غير زائد عليه، وهذا هو الباب الثامن.
تنبيه:
انحصار الخبر في الصادق والكاذب:
اختلف الناس في انحصار الخبر في الصادق والكاذب[1]؛ فذهب الجمهور إلى أنه منحصر فيهما، ثم اختلفوا؛ فقال الأكثر منهم: صدقه مطابقة حكمه للواقع، وكذبه عدم مطابقة حكمه له، هذا هو المشهور، وعليه التعويل.
وقال بعض الناس[2]: صدقه: مطابقة حكمه لاعتقاد المخبر, صوابا كان أو خطأ، وكذبه: عدم مطابقة حكمه له[3]، واحتج بوجهين:
أحدهما: أن من اعتقد أمرا فأخبر به ثم ظهر خبره بخلاف الواقع يقال: "ما كذب، ولكنه أخطأ"، كما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت فيمن شأنه كذلك: "ما كذب، ولكنه وهم". ورُدَّ بأن المنفي تعمد الكذب، لا الكذب؛ بدليل تكذيب الكافر؛ كاليهودي إذا قال: "الإسلام باطل"، وتصديقه إذا قال: "الإسلام حق"؛ فقولها: "ما كذب" متأول بـ "ما كذب عمدا".
الثاني: قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: [1]] . كذّبهم في قولهم: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} وإن كان مطابقا للواقع؛ لأنهم لم يعتقدوه. [1] مثل هذا لا يصح الاشتغال به في علوم البلاغة؛ لأنه لا فائدة فيه. [2] هو إبراهيم بن سيّار, المعروف بالنظّام. [3] أي: لاعتقاده، وهذا بأن يكون له اعتقاد يخالفه، أو لا يكون له اعتقاد أصلا، فيدخل خبر الشاك عند النظام في الكذب، ويكون من يقول: "محمد رسول" وهو شاك فيه، كاذبا عنده، وهو صادق عند الجمهور. وقيل: إن خبر الشاك ليس خبرا، فهو خارج عن المقسم، ولكن هذا لا يأتي مع ما سيأتي عن الجاحظ.
اسم الکتاب : بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة المؤلف : الصعيدي، عبد المتعال الجزء : 1 صفحة : 36