اسم الکتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 75
توقف، لا يستطيع ان يعلن انتمائه إلى فئة دون أخرى. ولعل خير ما يصور حاله قول الأستاذ العبطة: " كان هادئا وديعا ولم يرتفع صوته في هذه الأيام عندما كنا نتراشق ونتلاسن وننقسم إلى معسكرين: منا من يؤيد الحفاء ومعسكر الديمقراطية ومنا من يمجد النازية وهتلر؛ واذا ما احتدم النزاع؟ وكثيرا ما يحتدم - يستأذن في الذهاب إلى القسم الداخلي من الدار (دار المعلمين) تاركا النزاع وأهله " [1] .
ويمر هذا العام الدراسي كما مر أخوه السابق وينجح بدر في السنة الثانية بدار المعلمين، ويعود إلى الريف في إجازة الصيف، ولكنا نحرم كثيرا من المعلومات عنه، إذ ر شعر ولا رسائل تحمل تاريخ سنة 1945 [2] فأكثر شعره إنما كان ينظمه في فترات العطل المدرسية، وفي صيف ذلك العام سافر خالد في رحلة تنقل خلالها في ربوع مصر وفلسطين ولبنان وسورية، فلم يكن بين الصديقين مراسلات في ذلك الصيف، وذلك شيء حرمنا كثيرا من المعلومات عن بدر، في حياته ومحاولاته الشعرية.
وعندما عاد إلى السنة الثالثة بدار المعلمين، (1945 - 1946) كانت نفسه تعج بعاصفة جديدة من الإرادة الحازمة: أما أولا فانه لن يستمر في فرع اللغة العربية، فقد شبع من حفظ الشعر العربي، وازداد نمو الميل في نفسه لإتقان اللغة الإنكليزية كي يستطع أن يقلل من الاعتماد على القاموس حين يقرأ القصائد الشعرية، وأما ثانيا فان حياه السلبي يدل على انه كالصخرة الصماء الراسخة في وجه السيل، يزدهيها رسوخها، ولكنه لا يبلغ بها إلى أية غاية، ولذا فلا بد من الثورة على هذا الحياد الذي يشبه الموت. [1] المصدر السابق نفسه. [2] لا ادري إن كان في ديوان أزهار ذابلة قصائد تحمل تاريخ 1945 إذ أنني لم استطع أن اعثر على الطبعة الأولى من هذا الديوان.
اسم الکتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 75