responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 74
وعندما انتزعه العام الدراسي الجديد (1944 - 1945) من أحضان الريف، عادت عجلة الحياة في بغداد تنقله بين كليته ومقاهيه التي ألفها في العام الأول؛ ولم تكن نقلة حافلة بالاستشراف لغير الزاد الثقافي، ذلك أن الصدمة في حب ذات المنديل الأحمر؟ ان صح أن نسميها كذلك - قد علمته أن يتردد في دق الأبواب العاطفية المقفلة، فأقبل على القراءة في الكلية وفي خارجها، ويصفه صديق كان يراه في تلك الأيام في أحد المقاهي بقوله: " فنراه جالسا في مقهى مبارك وأمامه قدح الشاي يرتشف منه ويعود إلى قراءة ديوان المتنبي أو أبي تمام أو البحتري وغيرهم من فحول الشعراء، ولكنه كان شغوفا لدرجة لا توصف بأبي تمام يحفظ مطولاته ويحلل صوره ويعيش في أجوائه، ولا أنس استشهاده بوصفه للثلج في إحدى رحلاته وقد غطى الأزهار، وكيف ان الشاعر عبد الرحمن شكري قد كتب في المقتطف انه لم يحس بحقيقة الصورة إلا بعد سنين طويلة، وعند سفره إلى انجلترة ومشاهدته الثلج وقد غطى الازاهير الجميلة " [1] .
ولنا على هذه العبارة المقتبسة تعليقان: أولهما صلة السياب بالمتنبي؟ وهي صلة خاصة ان وجدت حقا، ظلت سطحية الأثر؛ ولست أميل إلى إنكارها ولكني اعتقد ان التجاوب المصحوب بالتأثير، بين الفتى الناشئ والشاعر الكبير، لم يكن كبيرا، وثانيهما قول الكاتب " لدرجة لا توصف " فانه من المبالغات التي لا ترفض جملة، ولكني أخشى أن يكون هذا القول صدى " بعديا " لإقرار الشاعر؟ فيما بعد - بدينه الكبير لأبي تمام [2] .
في ذلك العام لم تكن الحرب قد انتهت بعد، وكان الفتى الذي أعلن رضاه عن ثورة الكيلاني في بواكير عهده بالشعر، لا يزال في حال

[1] العبطة: 9.
[2] عن إعجاب الشاعر بالبحتري، انظر أضواء: 18.
اسم الکتاب : بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست