في الحسن المجلوب، والجمال المكذوب، وليتها كانت تغفل أمري وتتركني وشأني فأستطيع أن أتناساها، وأعدَّ نفسي من العزاب تخيلًا وتقديرًا، بل كانت تقيم من نفسها، ومن هذا الجحفل اللجب[1] المحيط بها حراسا كحراسٍ الليل، وجواسيس كجواسيس الإنكليز يراقبن مواقع نظري ومواطئ قدمي لتعلم أين مذهب قلبي، ووجهة نفسي فتغار عليَّ من الكوكب إذا رأتني أنظر إليه، وتكاد تمزق الثوب الذي أحبه وأتعشق لبسه، وتحسبها آهة الوجد أو دمعة الحب إذا رأتني أتأوه من آلام عشرتها أو أبكي لعظم مصيبتي فيها، وما هي بغيرة الحب ولكنها الأثرة[2] قبحها الله وقبح كل ما تأتي به، وأكثر ما كان يغيظني منها أنها ما كانت تفتح علي باب الحساب على اللفتات والخطوات إلا في الساعة التي أريد أن أخلو فيها بنفسي أو بكتابي فما أكاد أنتفع بواحد منهما، فإن سكت أغضبها سكوتي، وإن نطقت أغضبها حديثي، وإن قرأت في كتابي ظنت أن المؤلفين ما ألفوا الكتب إلا نكاية بالنساء لكي يتخذها الرجال معتصمًا يعتصمون به من محادثتهنَّ ومسامرتهن، فكان الكتاب في نظرها أعدى أعدائها وأبغض [1] الجحفل: الجيش واللجب: ذو الجلبة والصياح. [2] الأَثَرة: اختيار الشيء والاستئثار به.