شكرًا له على نعمة الخلق والرزق، وإن أحدنا ليعنيه أن يشكر لصاحبه نعمته إذا أحسن إليه بجرعة أو أنعم عليه بمضغة فأحر به أن يشكر مانح المانحين، والمحسن إلى المحسنين، فقلت في نفسي لقد بلغ الرجل مرتبة الموحدين الصادقين الذين يعبدون الله مخلصين له الدين لا يرجون ثوابًا، ولا يخافون عقابًا، ثم سألته أين تذهبون بعد الموت، قال إلى النعيم المقيم، أو العذاب الأليم، قلت لعلك تريد الجنة والنار، قال لا أفهم ما تقول، وإنما أعلم أن الإله الحكيم لا يترك المحسن دون أن يجازيه خيرًا على إحسانه كما يأبى عدله أن يسوي بين المحسن والمسيء، قلت متى يكون المحسن محسنا والمسيء مسيئا، قال الإحسان عمل الخير، والإساءة عمل الشر؛ لذلك لا ترى بيننا من يحدث نفسه بالإضرار بأخيه أو من يقصر في دفع الأذى عنه، فقلت في نفسي ليت الفقهاء الذين ينفقون أعمارهم في الحيض والاستحاضة والمذي والودي[1] والحدث الأكبر والحدث الأصغر، وليت الكلاميين الذين يسهرون الليالي ويقرِّحون المآقي في عينية الصفات وغيريتها والجوهر والعرض والحدوث والقدم والدور والتسلسل، وليت المتصوفة الذين يحاولون أن ينازعوا الله في مشيئته ويجاذبوه [1] المذي والودي نوعان من الماء الذي يخرج من القضيب.