لي في جريدة حسناتي حسنة ذهبت بجميع السيئات، ذلك أنه كان لي جار من ذوي النعمة والثراء والصلاح والخير والمروءة والبر نكبه دهره نكبة ذهبت بماله فأهمني أمره وأزعجني أن أراه في مستقبل الأيام بائسا معدما يريق ماء وجهه على أعتاب الذين كان يسدي إليهم نعمته، وعلمت أني إن عرضت عليه شيئا من مالي أخجلته وصغرت نفسه في عينه فاحتلت على أن أدخل في بيته خادما كانت في بيتي وجعلت لها جعلا على أن تدس في كيس دراهمه كل ليلة خمسة دنانير من حيث لا يشعر بمأتاها، ولا يقف على سرها، وما زال هذا شأني وشأنه لا يعلم من أين يأتيه رزقه ولا يشعر أحد من الناس باستحالة حاله، وذهاب ماله، حتى فرق الموت بيني وبينه، فما نفعني عمل من أعمالي ما نفعني هذا العمل، وما كان الإحسان وحده سبب سعادتي بل كان سببها أنه أصاب الموضع وخلص من شائبة الرياء، فهنأته بنعمة الله عليه وشكوت إليه وحشتي من الوحدة وخوفي من المحاسبة، فقال: أما الوحشة فإني لن أفارقك حتى يأتي دورك، وأما الخوف فلا حيلة لي ولا لأحد من الناس في نقض ما أبرم الله في شأنك، فقلت: أنت من السعداء فهل تستطيع أن تشفع لي أو تطلب لي شفاعة من ولي من الأولياء، أو نبي من الأنبياء، قال: لا تطلب