أن الحساب خاص بالإنسان، لظننت أن الله يحاسب في هذا الموقف جميع أنواع الحيوان.
هنالك وقد بلغ اليأس والهم مبلغهما من نفسي رأيت على البعد وجها يبتسم لي ويدنو مني رويدا رويدا, فأرقلت نحوه حتى بلغته فإذا صديقي "فلان" وإذا وجهه يتلألأ تلألؤ الكوكب في علياء السماء، فسألته ما فعل الله به؟ فقال: حاسبني حسابا يسيرا ثم غفر لي، وها أنذا ذاهب إلى ما أعد الله لعباده الصالحين في جنته من النعيم المقيم، فعجبت لشأنه وقلت في نفسي لقد هان أمر الحساب على كل عاص بعد ما هان على هذا الذي كنت أعرفه في أولاه لا يتقي مأثما، ولا يهاب منكرا، ولا يخرج من حان إلا إلى حان، ولا يودع مجمعا من مجامع الفسق إلا على موعد من اللقاء، فنظر إلي نظرة العاتب اللائم وابتسم ابتسامة علمت منها أن الرجل قد ألم بما أضمرته في نفسي فذكرت أن قد كشف الغطاء في هذه الدار, وأن قد رفع الحجاب بين الناس فلا سر ولا جهر، ولا بطن ولا ظهر، ولا فرق بين حركات اللسان، وخطرات الجنان، نظر إلي تلك النظرة وقال: لا تعجب لأمر في هذه الدار فكل ما فيها عجيب، واعلم أن الله حاسبني على كل ما كنت أجترح من الإثم في الدار الأولى، إلا أنه وجد