المتقطع والتمثيل الفظيع، وكلما أتى على بيت منها أقبل علي بوجهه, وأطال النظر في وجهي وحدق في عيني؛ ليعلم كيف كان وقع شعره من نفسي, فإذا رأى تقطيب وجهي ظنه تقطيب الشارب لارتشاف الكأس فيستمر في شأنه حتى أنشذ نحو خمسين بيتا، ثم وقف وقال: هذا هو الباب الأول من أبواب القصيدة، فقلت: وكم عدد أبوابها يرحمك الله؟ قال: عشرة ليس فيها أصغر من أولها، قلت: أتأذن لي أن أقول لك يا سيدي أن شعرك قبيح وأقبح منه طوله, وأقبح من هذا وذاك صوتك الأجش الخشن, وأقبح من الثلاثة اعتقادك أني من سخافة الرأي وفساد الذوق بحيث يعجبني مثل هذا الشعر البارد, عجبا يسهل علي فوات الغرض الذي أريده والذي ما خرجت من منزلي إلا من أجله، فتلقاني بضربة يجمع يده[1] في صدري فتلقيته بمثلها, وما زالت أكفنا تأخذ مأخذها من خدودنا وأقفائنا حتى كلت فجردت عصاي وضربته في رأسه ضربة ما أردت بها يعلم الله إلا أن أصيب مركز الشعر من مخه فأفسده عليه، فسقط مغشيا عليه وسقطت القصيدة من يده فأسرعت إليها ومزقتها وأرحت [1] جمع اليد هيئتها حيت تقبضها.