نفسي منها وأرحت الناس من مثل مصيبتي فيها، وكان الشرطي قد وصل إلينا فاحتملنا جميعا إلى المخفر, ثم إلى السجن حيث أكتب إليك كتابي هذا.
فيا صاحب النظرات أفتني في أمري وأنر ظلمة نفسي فقد أشكل علي الأمر وأصبحت أسوأ الناس بالصدق ظنا بعدما رأيت أني ما وقفت موقفه في حياتي إلا خمس مرات, فكانت نتيجة ذلك إفلاسي وخراب بيتي واتهامي بالخيانة مرة والزندقة أخرى، ذلك إلى ما أقاسيه اليوم في هذا السجن من أنواع الآلام، وصنوف الأسقام.
أيها السجين:
كتبت إلي مسح الله ما بك وألهمك صواب الرأي في حاليك, تشكو من جناية الصدق عليك ما وقف بك موقف الشك في أمره, وكاد يزلق بك إلى الاعتقاد أنه رذيلة الرذائل، لا فضيلة الفضائل، وما كان لك أن تجعل لليأس هذا السبيل إلى نفسك وأن يبلغ بك الجزع من نكبات العيش وضربات الأيام مبلغا يذهب برشدك، ويطير بلبك، فما أنت أول صادق في الأرض ولا أول من لقي في سبيل الصدق شرا وكابد ضرا