بعملكم هذا تزهدون المحسن في إحسانه, وتلقون الرعب في قلب كل عامل يعمل لأجلكم, وتثبطون همة كل من يحدث نفسه بخدمتكم وخدمة بلادكم, أليس مما يلقي في النفس اليأس من نجاحكم وصلاح حالكم أن نراكم طعمة كل آكل، ولعبة كل عابث، يستهويكم الكاذب بالكلمات التي تستهوي بها المرضعات أطفالهن, ثم يدعوكم إلى مناوأة الصادق فتمنحون الأول ودكم وإخلاصكم، والثاني بغضكم وموجدتكم، خاطبتهم بهذه الكلمات أريد بها خيرا لهم فأرادوا شرا بي فما خلصت من بينهم إلا وأنا ألمس رأسي بيدي لأعلم أين مكانها من عنقي.
الموقف الخامس: قابلني في الطريق شاعر يحمل في يده طومارا[1] كبيرا وكنت ذاهبا إلى موعد لا بد لي من الوفاء به فعرض علي أن يسمعني قصيدة من طريف شعره وأنا أعلم الناس بطريفه وتليده, فاستعفيته بعد أن كاشفته بأمري فأبى, فانتحيت به تاحية من الطريق فأنشأ يترنم بالقصيدة بيتا بيتا وأنا أشعر كأنما يجرعني السم قطرة قطرة حتى تمنيت أن لو ضربني بها ضربة واحدة يكون فيها انقضاء أجلي؛ ليريحني من هذا العذاب [1] الطومار الصحيفة.