أيها القوم، إنكم تقولون بألسنتكم ما ليس في قلوبكم، إنكم عجزتم عن العمل، وأخلدتم إلى الكسل، وأردتم أن تقيموا لأنفسكم عذرا يدفع عنكم هاتين الوصمتين فسميتم ما أنتم فيه توكلا, وما هو إلا العجز الفاضح، والإسفاف الدنيء، وهنا زفر الشيخ زفرة الغيظ ونادى في قومه أن أخرجوا هذا الزنديق الملحد من مجلسي, فتألبوا علي تألبهم على قصعة الثريد وأوسعوني لطما وصفعا, ثم رموا بي خارج الباب فما بلغت منزلي حتى هلكت أو كدت، فما مررت بعد ذلك بطائفة من العامة إلا رموني بالنظر الشزر وعاذوا بالله من رؤيتي كما يعوذون به من الشيطان الرجيم.
الموقف الثالث: لا أكتمك يا سيدي أني كنت أبغض زوجتي بغضا يتصدع له القلب, غير أني كنت أصانعها وأتودد إليها, وأمنحها من لساني ما ليس له أثر في قلبي خداعا لها, وإبقاء على ما تحتويه يدي من صبابة مال كانت لها، فرأيت أن ذلك أكذب الكذب وأقبحه فآليت على نفسي ألا أسدل بعد اليوم أمام عينها حجابا يحول بينها وبين سريرتي، فانقطع عن سمعها ذلك السلسبيل العذب، من كلمات الحب، فاستوحشت مني