responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النظرات المؤلف : المنفلوطي، مصطفى لطفي    الجزء : 1  صفحة : 134
الموقف الثاني: جلست في مجلس يتصدره شيخ من تجار العقول الضعيفة المعروفين بمشايخ الطرق, وقد حف به جماعة من عبدته وسدنة[1] هيكله, فسمعته يشرح لهم معنى التوكل شرحا غريبا يذهب فيه إلى أنه القعود عن العمل وإلقاء حبل هذا الوجود على غاربه, والإعراض عن كل سعي يؤدي إلى أي غاية، ويعتمد في هذيانه هذا على آيات يؤولها كما يشاء وأحاديث لا يستند في صحتها على مستند سوى أنه سمعها من شيخه أو قرأها في كتابه، وأكثر ما كان يدور على لسانه حديث: $"لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا"[2], فقلت له وقد أخذ الغيظ من نفسي مأخذه: يا شيخ أردت أن تحتج لنفسك فاحتججت عليها، أتعمد إلى حديث يستدل به رواته على وجوب السعي والعمل، فتستدل به على البطالة والكسل، ألم تر أن الله سبحانه وتعالى ما ضمن للطير الرواح بطانا إلا بعد أن أمرها بالغدو وهي التي ترويها القطرة، وتشبعها الحبة، فكيف لا يأمر الإنسان بالسعي وهو من لا تفنى مطالبه، ولا تنتهي رغباته،

[1] السادن خادم الهيكل أو خادم الكعبة, والمراد به الحاجب والجمع سدنة.
[2] الخماص جمع خميص وهو ضامر البطن والبطان جمع بطين وهو ممتلئ البطن.
اسم الکتاب : النظرات المؤلف : المنفلوطي، مصطفى لطفي    الجزء : 1  صفحة : 134
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست