اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 356
التعليم المدني في مدارس الحكومة وما إليها والتعليم الديني في الأزهر وملحقاته؛ هذان النوعان من التعليم يخرجان لمصر في كل عام جيشين مستعدين للخصام: أحدهما جيش المتعلمين الطامحين إلى المثل الأعلى الراغبين في الاتصال بحياة العالم الحديث والآخر جيش الجامدين المتعصبين الذين ركبت رءوسهم مدارة إلى الوراء، فهم ينظرون إلى أمس بينما ينظر خصومهم إلى غد، وسيظل هذان الجيشان في خصومة وحرب حتى يظفر أحدهما، وليس من شك في أن جيش التعليم المدني هو المنتصر، ولكن انتصاره سيكون بعيدا وسيكون عنيفا وسيكلف مصر ضروبا من الضحايا إذا تركت الأمور في مصر بحيث هي الآن.
نحن بين أمرين إما أن ندع الأزهر كما هو والمدارس المدنية كما هي وأن ندع مصر تعاني هذه الخصومة المنكرة بين فريقين من أبنائها لكل منهما عقلية خاصة وفهم للحياة خاص وأن نتحمل ما يستتبعه هذا الإهمال من النتائج, وإما أن نحتاط لحماية مصر من هذه النتائج.
ولنا إلى ذلك سبيلان: أحدهما إصلاح الأزهر "وليس إليه كما أعتقد سبيل" ويجب أن نلاحظ أن طلاب الأزهر وملحقاته يعدون بالألوف أو عشرات الألوف فهم في حقيقة الأمر قوة لا يستهان بها في حياة الأمة فإذا نحن تركناهم كما هم أضعنا على الأمة عددا ضخما من أبنائها وأعددنا في الوقت نفسه جيشًا ضخما يحارب العمل ويحارب الحرية ويحارب العلم نفسه.
ينبغي أن نمهد السبيل لطلاب الأزهر وملحقاته حتى يستطيعوا أن يتحولوا إلى التعليم المدني أو أن يجمعوا بينه وبين التعليم الديني وسبيل ذلك:
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 356