اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 284
هكذا حكم سيد قطب بين الأديبين الكبيرين، والحكم لا يعطي للعقاد شيئا من الفتح العقلي ولو للفتات والومضات. فقد سوى بين الاثنين تسوية تكاد تكون تامة أو بالأحرى جعل المزايا الأدبية قسمة بينهما عن سواء تقريبا. أخرج العقاد من دائرة الذهن والعقل كما أخرج الرافعي من دائرة النفس والقلب، وخص أحدهما بما نفى عن الآخر. فإذا شك أنصار العقاد في أن هذا مفهوم حكم صاحبهم على صاحبه ومنطوقه فليقرءوا مقدمة الحكم إذا شاءوا:
"وبعد فما كان يمكن أن يتفق العقاد والرافعي في شيء, فلكل منهما نهج لا يلتقي مع الآخر في شيء" إذ لو كان العقاد يشرك الرافعي في أدب الذهن لاتفق الاثنان في شيء. والتقى الأديبان على شيء. أما وهما لا يتفقان ولا يلتقيان في شيء في حكم هذا الحكم المجدد فما أثبته للرافعي من أدب الذهن الوضاء والذكاء اللماع لا بد أن يكون نفاه عن العقاد إن كان يعرف ما المنطق وما التفكير, ليس عن ذلك محيص.
والرافعي كذلك مظلوم -ولا شك- أن يقرن اسمه إلى اسم العقاد فيطالبه النقاد حينئذ بالحياة والحركة والعمق, أو يطالبونه برأي معين في مسائل الحياة الكبرى وفي نواحي الإحساس والشعور. والرجل في عالم آخر غير هذا كله؛ عالم الأخشاب المنقوشة والشرفات المزركشة.
"لقد أخذ يردد نغمه العوام في الموتى والأحياء ويعتمد على شعور هؤلاء العوام في تقدير موقفي وأنا أتحدث عن العقاد الحي. وموقفهم وهم ينافحونه عن الرافعي الذي مات.
"فأنا في دفاعي عن العقاد أمجد وأشرف من دفاعهم عن الرافعي, فماذا يكلفهم الدفاع عن الرافعي؟ إنه لا يكلفهم شيئا, بل على العكس يكسبهم
اسم الکتاب : المعارك الأدبية المؤلف : أنور الجندي الجزء : 1 صفحة : 284