اسم الکتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 303
لحياة العسيري المتكاملة الأجزاء، يصورها الشعر في الديوان بجميع أبعادها في دقة شاملة، وصدق فني، تتلاءم فيه كل المعاني والأفكار والمشاعر والأحاسيس مع الأخيلة والصور، والألفاظ والأساليب، يقول:
أبث شعوري للسكون لعله ... يهيم بأشعاري فهام ورنما
فيالك من صمت أذعت مشاعري ... لقد كنت يا صامتي سميعًا وملهمًا
وما قلت شعري رغبة في ترحم ... ولكن نفسي قد أباحت ببعض ما
فلا تعجبوا فالحزن محراب نجوتي ... ضحكي دعاء والبكاء تكلما1
والتجربة الشعرية عنده صادقة محمومة ببركان متفجر من مرارة الحياة، وظلام الحزن، وحميم الشر الذي يصيب من كأس النعيم، ليزداد جوى على جوى، وحسرة على لوعة، فلا يذوق منه إلّا الدموع، يقول العسيري في واقعه الأليم ومركبه التائه:
شربت الحياة بأكوابها ... فما ذقت فيها سوى دمعتي
وغنيت فيها بقيثارتي ... فذابت على نغمتي مهجتي
تأملت فيها جمال الوجود ... فتهت على مركب الحيرة
أجوب البلاد وما أهتدي ... وهذا الضياع على صورتي
ظلام الحزن أشقاني وأعيا ... أأبقى في ظلام الحزن حيا
يصب الشر من كأس النعيم ... لأني عشت في عصر الجحيم2
ولقد عبر العسيري عن صدق هذه التجربة في شعره، في الإهداء الذي قدم به ديوانه يقول فيه:
إلى الإنسان الذي يشق طريقه في الحياة بعصاميته
إلى كل إنسان ذاق مرارة الحرمان أو ضاع في متاهات الحياة3
ويقول:
فأذيب الحزن شعرًا ... مد للإحساس عذرًا4
1 في متاهات الحياة: 41/ 43.
2 الديوان: 58.
3 الديوان: 17.
4 الديوان: 27.
اسم الکتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 303