اسم الکتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 302
التصوير الشعري:
والتصوير الشعري عند العسيري يغرينا بالحديث عن تجربته الشعورية ومدى صدقها الفني، وعن ألفاظه وأساليبه، وعن الخيال وصوره الأدبية، وفي النهاية عن الإيقاع الموسيقي، وموسيقاه الشعرية: الوزن والقافية.
ذلك كله من خلال النقد العربي الأصيل، وذوق الناقد الذي هزه شعر الشاعر وتصويره الأدبي الرائع.
أولًا: التجربة الشعورية عند العسيري
لو أدار القارئ عينيه وقلبه ليعيش في "متاهات الحياة" مع العسيري في تجربة الإنسان الشاعر الذي عانى مرارة الحرمان في تجربة حياته الواقعية، وهو يتلظَّى بنار الوجد فيها، ويصطلي بوهج السعير المحرق،
عانى الشاعر تجربته في التصوير الشعري معاناة أليمة مريرة، أخذته من الوجود حوله، ليتمدد داخل وجدانه ومشاعره الذاتية، ولذلك لم ير غير ذات الإنسان حقيقة في الكون، تفجر شعرًا من أجلها ولها، حتى في لحظات المجاملة إذا رثى صديقًا، يلوي عنقه عن الصديق ليصور النفس والذات، وينسى أنه يرثي صديقًا حبيبًا إليه، لكنه في الحقيقة أنه يرثي نفسه وذاته؛ لأنها هي أقرب الأشياء إليه، وهي أصدق في التعبير عن نفس كل إنسان، وهذا هو الصدق الفني عمود التجربة الشعرية الصادقة الجيدة الشاعرة يقول:
فقدت المعاني من فقده ... فماذا أقول لمن ينتظر
أو تجربة الهجاء التي ينصب فيها الهجاء على الشخص المهجو المغرور، ينعتق الشاعر من ذلك الجسد الموجود والواقع أمام أنظار الناس، ويتمدد في حنايا نفسه، ويغوص في أعماق تجربته ليصورها في تجربة شعرية ذاتية تتنزى ألمًا ومرارة، يقول:
وأملي فكره المغرور غيًّا ... تعالى في كراماتي بفيه
أأجني جذوة من كل قول ... ترم الجسم يا ويل النبيه
والواقع أنَّ ديوان الشاعر كله وخاصَّة ما يتصل بالشعر الوجداني، يعد تجربة شعورية.
اسم الکتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 302