responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية المؤلف : علي علي صبح    الجزء : 1  صفحة : 301
سأسمع للورى.. للناس قولي ... وعز الحق أن تدني بنيه
وأترك في زوايا الحقد غرًّا ... رآني أرشد الدنيا إليه
تمطي في ثياب السخط حتى ... رأيت الشر يدمي مقلتيه
عليل الفكر كالمسموم يلهو ... بعرض الجار أو ظلم النبيه1
وهذا الهجاء هو الذي ينبغي أن يتخذه الشعر غرضًا أدبيًّا، فهو يهذب الشعور وينمِّي الذوق، فهو هجاء يبني في الناس أخلاقًا، ويشيد فيهم الفضائل النبيلة عن طريق واضح وتصوير مباشر، ويحقر فيهم الرذائل لا كما في "أزهار الشر" لبودلير، فهو يزين الشر في تصوير جميل أخاذ ليصرف الناس عنه بطريق غير مباشر كما يدعون.
وهذا النمط من الهجاء يدفع بصراحة وقوة إلى قول الحق والتصدي للباطل، ويرغب في العلم، وينفر من الجهل، ويصوّر الغر الأحمق في أقبح صورة يتوقاها الإنسان في أيّ اتجاه، ويحذرها في كل خطوة، ويخشى على نفسه منها في كل حين؛ لأن العلم والحق والنور هو الذي يبني الحياة ويرفع الذكر، ويمضي أهله مع الخالدين.
ومما يجعل هذا النمط من الهجاء هو بغية الشاعر النابه والجادِّ في شعره، هو أن يظل خالدًا بهذا الغرض الأدبي الذي يسمو به في سماء الأدب الرفيع والشعر السامي، ويربأ عمَّا اتصف به هذا الغرض قديمًا من السباب والفحش، والتدمير والهدم لأشخاص بعينهم، أخملهم الشعر القديم، وذهب بهم مع أهل السباب والفحش، وربما يكون المهجو بريئًا مما نسب إليه، قد تحامل عليه الشاعر لحاجة في نفسه، عند ذلك يكون الهدم والتدمير.
لكن هذا النمط من الهجاء للعسيري يسمو بالغرض الأدبي للمعالي والبناء السامي؛ لأن الشاعر شغله تمجيد القيم السابقة عند ذكر الشخص المهجو أو التلميح إليه، مما جعل القصيدة تدور حول القيم النبيلة التي ينبغي أن يترسّم خطاها الغرّ والجاهل والأحمق؛ لتزول منه الصفات الذميمة من الجهل والحماقة والغرور، بذلك يكون قد رسم منهجًا جديدًا للهجاء في الشعر السعودي عامَّة، وفي شعر الجنوب العسيري خاصة.

1 الديوان: 83/ 85.
اسم الکتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية المؤلف : علي علي صبح    الجزء : 1  صفحة : 301
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست