اسم الکتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي المؤلف : عبد اللطيف محمود حمزة الجزء : 1 صفحة : 559
كانوا كلهم أو معظمهم من رجالات الأدب والفكر في وقت معًا، وقل مثل ذلك في الصحافة الإنجليزية، أو الفرنسية، أو الأمريكية.
غير أننا نشاهد الآن تحولًا كبيرًا في هذه الظاهرة، نشاهد أن الصحافة نفسها غدت حرفةً من الحرف، وإن كانت ما تزال تربطها صلات متينة بالأدب.
فتلك إذن هي نقطة التحول الحقيقيّ في تاريخ الصحافة الحديثة في العالم المتمدين.
ومنذ أصبحت الصحافة حرفةًَ كحرفة الطب، أو التدريس, أو المحاماة، أو الهندسة، أصبح لهذه الحرفة -وهي الصحافة- فنون خاصة بها، ومن أهم هذه الفنون ثلاثة هي: فن التحرير، وفن الإخراج، وفن إدارة الصحف.
ولسنا نحتاج الآن إلى النظر في الفنين الأخيرين، ولكننا بصدد النظر في الفن الأول، فماذا عسى أن يكون عليه مستقبل الصحافة المصرية في فن التحرير؟
الواقع أننا حين نقول: "فن التحرير", نعنى: شيئين دائمًا، هما:
التفكير من جهةٍ، والتعبير من جهةٍ ثانيةٍ، أو بعبارةٍ أخرى: الموضوع والأسلوب في وقت معًا.
فأما من حيث الأسلوب: فقد لاحظنا من تاريخ الصحافة المصرية في النصف الأول من القرن التاسع عشر, أنها ورثت عن القرون السابقة أسلوبًا عتيقًا يميل إلى التكلف، ثم أخذ هذا الأسلوب يتخلَّى شيئًا فشيئًا عن هذا التكلف, حتى جاءت المدرسة الصحفية الثالثة، وعلى رأسها السيد: علي يوسف, صاحب "المؤيد", فوجدنا أنفسنا أمام كُتَّابٍ يميزون بين الأسلوب الأدبيّ، والأسلوب الصحفيّ، ومضى التحرير الصحفيّ في طريقه هذا إلى الوقت الحاضر، وإذاك وجدنا له لغةً تبعد بعدًا ظاهرًا عن لغة الأدب، فقد
اسم الکتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي المؤلف : عبد اللطيف محمود حمزة الجزء : 1 صفحة : 559