اسم الکتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي المؤلف : عبد اللطيف محمود حمزة الجزء : 1 صفحة : 287
ما يتسلق الكاتب في هذه الحالة على كلام القدماء، وأهاجيّ الشعراء، وحكايات العامة, أو نحو ذلك.
وأكثر من هذا وذاك أنك ترى صاحب القلم الكاريكاتور يعتمد في توفير هذا العنصر الأخير من عناصر الصورة على كلام القدماء، وعلى تحويل هذا الكلام من معناه الأصلي الذي وضع له, إلى المعنى الجديد الذي أراده صاحب القلم الكاريكاتوري.
ومن الأمثلة على ذلك, أن الشيخ عبد العزيز البشري في سخريته بزيور باشا, على النحو السابق, استشهد ببيتٍ من أبيات أبي نواس وهو:
وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
والمعروف أن أبا نواس ذكر هذا البيت من الشعر في معرض المدح لخليفة من خلفاء بني العباس، ولكن البشري ذكر هذا البيت نفسه في معرض التعريض، وإضحاك الناس من شخصية "زيور باشا".
ولا يكاد هذا الفن -وهو فن القلم الكاريكاتوري- ينقسم إلى أكثر من هذه العناصر الأربعة، وهي متى توافرت في مقالٍ ما, بلغ هذا المقال كل ما قصده الكاتب من ورائه، وفي هذه العناصر السابقة، وفي كل عنصر منها على حدة مجال واسع يتنافس فيه الكاتب وأصحاب الأقلام، ويظهر نبوغهم, وتتجلَّى عبقريتهم, إما في نقد الأشخاص، وإما في نقد الأفكار والموضوعات.
وغنيٌّ عن البيان أن المقال الكاريكاتوري لا يزدهر إلّا في أوقات الأمن, واستمتاع الناس بكل أنواع الحريات، فليس من السهل على كاتب هذا النوع من المقال أن يعرض حياته للخطر الذي يصيبه من الشخصية المرموقة التي هي موضوع المقال.
أما في أوقات الظلم والطغيان، وأوقات الرقابة المفروضة على الصحف, فإن الصحافة لا تلجأ إلى القلم الكاريكاتوري بحالٍ من الأحوال، وإنما
اسم الکتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي المؤلف : عبد اللطيف محمود حمزة الجزء : 1 صفحة : 287