اسم الکتاب : المحاضرات والمحاورات المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 266
على قبره انهلّت مواطر رحمة ... تحلّيه من أقطارها الستّ بالقطر
ولا برحت سحب من العفو والرضا ... عليه مدى الأيام واقفة تجري
وقال القيراطي أيضا يرثي الشيخ تاج الدين السبكي [1] : [البسيط]
سهم المنيّة لا يبقي على أحد ... فيا بني الدهر لا حيّ على الأبد
لا يترك الموت روحا ضمّها جسد ... حتى يفرّق بين الروح والجسد
إن هزّ في العالم السّفليّ صارمه ... فالدهر للكوكب العلويّ بالرصد
كأنّنى بك يا نسر السماء وقد ... أخنى عليك الذي أخنى على لبد [2]
وبالثريّا وقد زلّت بها قدم ... من السماء فلم يؤخذ لها بيد
لدرهم النجم خصم سوف يأخذه ... إذا دنا يومه من جبهة الأسد
لا بلدة الأفق تبقى في مطالعها ... نعم ولا نسر تبقى على بلد
وما لسهم الليالي صرفة أبدا ... عن نثرة الأفق أو عن نثرة الزّرد
لا يرهب الأسد الضاري لسطوته ... ولا يحابي غزال البيد للغيد
ولا اتّقى سوقة يوما ولا ملكا ... سارت مناياه بين الأسد والفند [3]
يا ثاني العطف حادي الموت كم هتفت ... أصواته بأخي عزّ فلم تحد
أين الألى شيدوا بنيانهم حذرا ... من المنية بالصّفّاح والعمد
وأين من دوّخوا عاصي الرؤوس وقد ... هزّوا رؤوس العوالي للوغى بيد
والراكنون إلى الدنيا وزينتها ... والراكبون إلى العليا على جدد
أبلى الجديدان منهم كلّ ذي ترف ... قد راح يخطر في أثوابه الجدد
مضى الملوك الذين استظهروا حذرا ... من الردى بعديد الجيش والعدد [4]
زالوا وما ردّ عنهم يومهم حذر ... ولا أفاد خميس الملك عن أحد
قس باقي الخلق بالماضين إذ سلفوا ... ولا تقل ذا قياس غير مطّرد [1] السبكي: عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي، تاج الدين، أبو نصر، مؤرخ، فقيه، تولى القضاء في الشام، بعد أن انتقل إليها من مصر، وقد تعرض لمحن وشدائد من فقهاء عصره، من مؤلفاته: طبقات الشافعية الكبرى، والأشباه والنظائر، وجمع الجوامع، وغيرها، توفي بالطاعون بدمشق سنة 771 هـ.
(حسن المحاضرة 1/328، الدرر الكامنة 2/425) .
[2] لبد: آخر النسور التي عاصرها لقمان.
[3] الأسدّ: بالتشديد، وقد خفف لإقامة الوزن، والأسد، صاحب الرأي السديد، الفند: ضعيف الرأي.
[4] عجز البيت وصدر الثاني ساقطان من ع.
اسم الکتاب : المحاضرات والمحاورات المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 266