responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 61
وشكت علّة إليّ وقالت ... عُدْ إلينا ولو بغير هديّه
قد لبسنا ثوب التجمّل من بع ... دك حتّى لم تبقَ فيه بقيّه
فإلى كمْ تغيب والغائب النا ... زح يخشى عليه صرف المنيّه
أتزوّجت أم أصبت بمصر ... غضةً بضة البنان صبيّه
فتشاغلت عن عيون تراعي ... ك على البعد بكرةً وعشيّه
فرددت الجواب مهلاً فإنّي ... سوف آتيك منه بالأُمنيّه
بألوف من الدنانير حمر ... من خمارية ومن أحمديّه
قال: إذ ضمنت لها ذاك يا أخا العرب لأعجلنّ سراحك إليها، ولألفينّ لك ضمانك لها، يا غلام، عَلَيّ بألف دينار من ضربي وثلاثة آلاف من ضرب أبي، فأُتي بها. قال الأعرابي: فضممتها وخرجت مسرعاً فلم أشعر إلاّ والخادم في أثري قد لحقني فقال: إرجع، فرجعت إليه وظننت أنّه يستعيدها منّي، فلمّا وقفت بين يديه قال: يا أخا العرب إنّك ضمنت لها الوفاء في شعرك ثمّ ذكرنا أنّه لابدّ من النفقة في الطريق لتصل إليها بغير ما ضمنته لها، يا غلام، سلّم إليه خمسة آلاف أخرى، فضممتها وخرجت مسرعاً فلم أشعر إلاّ والخادم في أثري قد لحقني وقال: إرجع، فرجعت إليه فلمّا وقفت بين يديه قال: يا أخا العرب إنّها تذكر لك:
أتزوّجت أم أصبت بمصر ... غضة بضة البنان صبيّه
وقد أردت أن أحقّق ظنّها فيك، يا غلام، سلّم إليه جارية بخمسمائة دينار وجهّزها بمثلها، قال: فضممتها المال والجارية وانصرفت في أحسن حال وأنعم بال.
وعن العتبي قال: اجتمعنا بباب أبي دلف العجلي أربعمائة شاعر وزائر، فكان يعدنا بمال الكرج، فبينما نحن ذات يوم عزين فى يمحالسنا إذ مرّت بنا الجمال عليها الأحمال، فقلنا: ما هذا؟ فقيل: مال الكرج، فتباشرنا ووافينا بابه من الغد، فإذا بالباب قد فتح وبالنطوع قد بسطت وشققت عليها البدر، فكانت أنانبير دراهم ودنانير ووضع لنا أربعمائة كرسي، ونادى مناديه: ليجلس كلّ رجل على كرسي، فلمّا أخذنا مجالسنا خرج علينا أبو دلف في حلّة حمراء متقلّداً سيفاً، فوضع قائم سيفه بالأرض واتّكأ عليه وأنشأ يقول:
أيا معشر الزوّار لا يد عنكم ... أياديكم عندي أجلّ وأكثر
كفاني من مالي جواد ونثرة ... وأبيض من صافي الحديد ومغفر
ثمّ ولّى عنّا وقال: شأنكم والمال، فانتهبناه وحمل كلّ واحد منّا على قدر طاقته.
وقال أبو العبّاس الشيباني: وفد على أبي دلف عشرة من ولد علي بن أبي طالب عليه السلام في العلّة التي مات فيها، فأقاموا شهراً لا يؤذن لهم من شدّة العلّة التي كانت به، فوجد منها راحةً يوماً فقال لبشر الخادم: نفسي تحسّ أنّ بالباب قوماً لهم إلينا حوائج، فافتح ولا تمنعنّ أحداً. قال: فدخلوا إليه وسلّموا عليه، ثمّ ابتدر رجل من ولد جعفر الطيّار فقال: أصلحك الله، إنّا قوم من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفينا من ولده، وقد حطمتنا السنون وأجحفت بنا النوائب، فإن رأيت أن تجبر كسرنا وتنفي فقرنا فافعل. فقال للخادم: خذ بيدي وأجلسني، فأجلسه ثمّ أقبل عليهم متعذراً إليهم ودعا بدواة وقرطاس وقال: ليأخذ كلّ واحد منكم فليكتب بخطّه أنّه قبض منّي ألفي دينار. قال: فبقينا متحيّرين عند قوله، ولمّا كتبنا الرقاع وضعناها بين يديه، فقال للخادم: عَلَيّ بمال كذا وكذا، فوزن لكلّ واحد منّا ألفي دينار، فلمّا قبضناها قلنا: أيّها الأمير، نفديك بالآباء والأُمّهات، والله ما لنا مال ولا عرض دنيا فخطوطنا ما تصنع بها؟ قال لخادمه: أُنظر يا بشر إذا أنا متُّ فاجعلها في أكفاني وذلك أنّي إذا لقيت جدّكم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم غداً في عرصة القيامة توسّلت إليه بأنّي قد أغنيت عشرة من ولدك، يا غلام، إدفع لكلّ واحد منهم ألف درهم زيادة إلى ما معه حتّى لا ينفقوا في الطريق شيئاً ممّا أعطيناهم، ثمّ قال: ألحقوا بأهاليكم بارك الله فيكم.
وذكر أنّ جاراً لأبي دلف ركبه دين فادح حتّى احتاج إلى بيع داره، فساوموه بها فطلب ألفي دينار، فقالوا: إنّها تساوي خمسمائة دينار، قال: وجوار أبي دلف بألف وخمسمائة، فبلغ ذلك أبا دلف فأمر بقضاء دينه وقال: لا تبع دارك ولا تنتقل من جوارنا.
وروي ما هذا مضمونه أنّ بعض الشعراء امتدح ابن العلاء، فلمّا أنشده:

اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 61
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست