responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 62
دع العيس تذرع أرض الفلا ... إلى ابن العلاء وإلاّ فلا
أمر له بألف دينار وقال: حسبك من الإنشاد فإنّه يلزمنا لكلّ بيت ألف دينار وما في خزانتنا ما يفي بذلك.
ووقف أعرابي على مروان بن الحكم أيّام الموسم بالمدينة فسأله، فقال: يا أعرابي ما عندنا ما نصلك به ولكن عليك بابن جعفر، فأتى الأعرابي باب عبد الله بن جعفر فوجد ثقله قد صار نحو مكّة وراحلته بالباب عليها متاعه وسيف معلّق، فخرج عبد الله، فأنشأ الأعرابي يقول:
أبا جعفر إنّ الحجيج ترحّلوا ... وليس لرحلي فاعلمنَّ بعير
أبا جعفر ضنَّ الأمير بماله ... وأنت على ما في يديك أمير
وأنت امرؤ من هاشم في صميمها ... يصير إليك الجود حيث تصير
فقال: يا أعرابي! صار الثقل فدونك الراحلة بما عليها، وإيّاك أن تُخْدَعْ عن السيف فإنّي أخذته بألف دينار، فأنشأ الأعرابي يقول:
حباني عبد الله نفسي فداؤه ... بأعبس مهريّ سباط مشافره
وأبيض من ماء الحديد كأنّه ... شهابٌ بدا والليل داج عساكره
وكلّ امرء يرجو نوال ابن جعفر ... سيجري له باليمن والسعد طائره
سأثني بما أوليتني يابن جعفر ... وما شاكر عرفاً كمن هو كافره
ودخل أبوالدهماء العنبري على جعفر بن سليمان، وكان قد مدحه قبل ذلك بمدّة يسيرة ووصله بصلة سنيّة، فأنشده:
ما زال عودي في ثرىً ثريّ ... مورّقاً من سيبك الوسميّ
حتّى إذا ما همَّ بالذويّ ... جئتك واحتجت إلى الوليّ
وما غنيّ عنك بالغنيّفضحك جعفر وقال: ما مللناك فلا تملنا، وعد إلينا متى شئت، وأجزل عطيّته وصلته.
وقال أبوالشبل: حضرت مجلس عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وكان إليّ محسناً وعَلَيّ مفضّلاً، فجرى ذكر البرامكة، فوصفهم الحاضرون فأطنبوا في ذكر سماحتهم وفضلهم، فقمت في وسط الناس وقلت لعبيد الله: أيّها الوزير! قد حكمت في هذا الأمر حكماً نظمته في بيتَي شعر لا يقدر أحد أن يردّه عَلَيّ، وإنّما جعلته شعراً ليبقى ويدوّن، أفيأذن الوزير بإنشادهما؟ فقال قل، فربَّ صواب قلته، فأنشدت:
رايت عبيد الله أفضل سؤددا ... وأكرم من فضل ويحيى بن خالد
أولئك جادوا والزمان مساعد ... وقد جاد هذا وهو غير مساعد
فتهلّل وجه عبيد الله وظهر فيه السرور وقال: أفرطتَ، قلت: ولا كلّ هذا قضيت، والله ما حابيتك أيّها الوزير، وما قلت إلاّ حقّاً، وأتبعني القوم في وصفه وتقريضه، فما خرجت من مجلسه إلاّ وعَلَيّ الخلع وتحتي فرس بسرجه ولجامه، وبين يديَّ خمسة آلاف دينار.
وعن أبي الشبل قال: دخل العتابي على عبيد الله بن طاهر فأنشده:
جسم ظنّي وحسن ما عوّد الله ... سوائي منك الغداة أتى بي
أيُّ شيء يكون أحسن من حسن ... رجاء حدا إليك ركابي
فأمر له بجائزة، ثمّ دخل عليه من الغد فأنشده:
جودك يكفينيك في حاجتي ... ورؤيتي كافيتي عن سؤال
وكيف أخشى الفقر ما عشت لي ... وإنّما كفاك لي بيت مال
فأمر له بجائزة، ثمّ دخل عليه في اليوم الثالث فأنشده:
بهجات الثياب يخلقها الدهر ... وثوب الثناء غضٌّ جديد
فأكسني ما يبيد أصلحك الله ... فإنّي أكسوك ما لا يبيد
فأجازه وخلع عليه.
وقدم على يزيد بن المهلّب رجل من قضاعة فأنشده:
مالي أرى أبوابهم مهجورة ... وكأنّ بابك مجمع الأسواق
أرجوك أم خافوك أم شاموا الغنى ... بيديك فانتجعوا من الآفاق
إنّي رأيتك للمكارم عاشقاً ... والمكرمات قليلة العشّاق
ولّيت أنعمك البلاد فأصبحت ... تجبى إليك مكارم الأخلاق
فأمر له بألف دينار، فلمّا كان العام المقبل وفد إليه فأنشده:
والله ما أدري إذا ما فاتنا ... طلب إليك من الذي نتطلّب
ولقد ضربنا في البلاد فلم نجد ... أحداً سواك إلى المكارم ينسب
فاصبر لعادتك التي عوّدتنا ... أو لا فأرشدنا إلا مَنْ نذهب
فأمر له بألف دينار، وقال: إنّا صابرون على عادتك، فعد متى شئت.

اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست