responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 37
أُنظر كيف سرق هذا البيت سرقة قبيحةً وأفسد الأخذ من حيث لم يفهم معنى بيت مهيار، لأنّه أطرى هذا الملك بالكرم والشجاعة وبالغ في ذلك فجعل كرمه لمجتديه لا يسبقه وعد ولا لقائه لعدوّه لا يسبقه وعيد وهذا مقصد جليل من مقاصد الشعراء، قال مهيار:
غضبان يسبق بطشه أخباره ... حتّى يغامر في الرعيل الأوّل
وقال أبو فراس الحمداني:
ويا ربّ دار لم تخفني منيعة ... طلعت عليها بالردى أنا والفجر
وقال الطغرائي:
هجوم على الأعداء من صوب أمنهم ... متى ما يشأ يعمي النواظر بالكحل
وهو كثير جدّاً فأخذه الشيخ برمّته ومدح به الحاج محمّد صالح إمّا لظنّه أنّ البيت كلّه مدح بالسخاء أو لجهله وعدم معرفته بأنّ مثله لا يُمْدَح بشجاعة ولا هيجاء، وقال الشيخ المذكور:
ومع الحفيظة قسوة وفضاضة ... حتّى كأنّ فؤاده من جلمد
وقال مهيار:
لك من خلائقه إذا مارسته ... جنبان ذا سهل وذاك شديد
فمع المروّة هزّة وتعطّف ... فتقول غصن البانة الأملود
ومع الحفيظة قسوة وفضاضة ... حتّى كأنّ فؤاده جلمود
فأجل فكرك في قلّة معرفة الشيخ مع كبر سنّة الذي أفناه في نظم الشعر، فإنّ مهياراً وصف ذلك الملك بالحزم في جعله ذاخلقين متّصفين بالسهولة والشدّة يجدهما الممارس له محبّاً أو مبغضاً؛ فإن كان محبّاً وجد عنده من الهزّة والتعطّف عليه ما اتّصف به غصن البانة الأملود مبالغةً في حنوّه على أهل مودّته، وإن كان مبغضاً وجد عنده لشدّة حفيضته من قسوة القلب وفضاضته ما يظنّ معه أنّ فؤاده جلمود؛ وهوالقاسي من الصخر، وهذه ملاحظة جيّدة إن شئت سمّيتها بالمقابلة وإن شئت سمّيتها بالطباق المعنوي نظير قوله عزّ من قائل: (أشِدَّاءُ عَلَى الكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) ، وستقف على بيان ذلك في محلّه مفصّلاً، فما بال الشيخ غفل عن ذلك هذه الغفلة ووصفه بالقسوة والفضاضة فقط؟ وهل يحسن ذلك وإن جعله مع الحفيظة؟ ألم يتصفّح نظم الشعراء في مثل هذا المورد ويحذو حذوهم؟ قال أبو عبادة البحتري:
معارك حرب لا يزال موكّلاً ... بقطب رحىً للدارعين طحون
وسائس جيش يرجع الحزم والحجى ... إلى شدّة في جانبيه ولين
وقال:
إذا الخطوب مرّتْ أخلاف درّته ... درَّت بخلفين من شري ومن عسل
وقال بعضهم:
متى يسئلوه المال تندَ بنانه ... وإنْ يسئلوه الضيم تندَ عوامله
وقال مهيار:
إن سيل رفداً فهي ينبوع الندا ... أو سيل ضيماً فهي ينبوع الدم
ولا أدري ايّهما أخذ من الآخر إلاّ أنّهما أخذا جميعاً من أبي عبادة البحتري حيث قال:
يدني يداً بيضاء يختلط الندى ... فيها إذا لقي الفوارس بالدم
ولابن دريد في مقصورته:
قد مارت منّي الخطوب مرساً ... يساور الهول إذا الهول علا
لي التواء إن معاديَّ التوى ... ولي استواء إن مواليَّ استوى
طعمي شَرْي للعدوّ تارةً ... والأري بالراح لمن ودّي ابتغى
لينٌ إذا لو ينت سهلٌ معطفي ... ألوي إذا خوشنت مرهوب الشذا
هكذا جرت الشعراء على نمط واحد في مثل هذه الموارد، وفيما أوردناه كفاية في بيان ما نحن فيه.
قال الشيخ:
هو ذلك الولى الأجل وووالد ال ... غرر الذين نشوا بأحسن مولد
وأبو كواكب كالفراقد في سما ال ... عليا لها مالم يكن للفرقد
إنّي لهم بصفاهم من مفخر ... أو مظهر أو عنصر أو محتد
وإذا سرى نقص القبائل أقبلت ... تنمي مكارمهم بغير مزيّد
وقال مهيار:
وإذا سرى نقص القبائل أقبلت ... تنمي مكارم فيهم وتزيّد
وقال الشيخ:
شرف كمال الملك في أطرافه ... حام على النسب الكريم بمذود
وقال مهيار:
شرف كمال الملك في أطرافه ... حام عن النسب الكريم يذوّد
وقال الشيخ:
وإذا أناخ بهم وفود شمتهم ... كرماً قياماً والوفود بمقعد
وقال مهيار:
وإذا أناخ به الوفود رأيتهم ... كرماً قياماً والوفود قعود
وقال الشيخ:
وإذا قصدت طروقه لملمة ... فالمصطفى باب لذاك المقصد
وقال مهيار:
وإذا أردت طروقه لملمة ... فأبوا المعالي بابه المقصود
وقال الشيخ:

اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست