responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 36
لم ترض منه غير ما ألزمته ... من مدح جدّك طائراً في الجيد
ومنهم من بالغ بالوصيّة في التحفّظ على الشعر ووضعه في موضعه كالأعشى بقوله:
والشعر قلّدته سلامة ذا ... فائش والشيء حيثما جعلا
وكالرستمي في قوله:
بناتي عن أيدي اللئام أصونها ... وغير عجيب أن أصون بناتي
وكالمهيار في قوله:
والشعر صنه فالشعر يحتسب الله إذا لم يصنْ على الشاعرغالِ به واستم المهور الثقيلات وصاهر أكفائه صاهرواحن عليه فإنّه ولد ... أبوه فكر وأُمّه خاطر
صرّفه فيما ترضى العلاء به ... وبعمر العرض بيته العامر
لا تمتهنه في كلّ سوق فقد ... تربح حيناً وبيعك الخاسر
أُنظر إلى مَن وفى مدائح مَن ... أنت وقد بات نائماً ساهر
إختر وَلوداً للفهم منجبةً ... ما كثر الفهم محمق عاقر
أُمّاً لفخر يصدق النسب الحرَّ ... ويحيي ذكر الأب الداثر
أوّلاخ يشفع الوداد له ... يرضيه منه بالفذ والنادر
أو ملك رحت منه في نعم ... أنت لها لا محالةً شاكر
وممّن أسف على جعل الشعر في غير موضعه الحطيئة، قيل: إنّه لمّا حضرته الوفاة اجتمع إليه قومه، فقالوا: يا أبا مليكة أوصِ، فقال: ويل للشعر من رواية السوء. فقيل: أوصِ يرحمك الله، فقال: من ذا الذي يقول:
إذا نبض الرامون عنها ترنّمت ... ترنّم ثكلىً أوجعتها الجنائز
قيل له: الشمّاخ. قال: بلّغوا غطفان أنّه أشعر العرب. قالوا: ويحك ما هذه وصيّة، أوصِ، قال: بلّغوا أهل ضابي أنّه شاعر حيث يقول:
لكلّ جديد لذّة غير أنّني ... وجدت جديد الموت غير لذيذ
قالوا: أوصِ ويحك بما ينفعك، قال: بلّغوا أهل امرء القيس أنّه أشعر العرب حيث يقول:
فيالك من ليل كأنَّ نجومه ... بكلّ مغار الفتل شدّت بيذيل
قالوا: اتّق الله ودع عنك هذا، قال: بلّغوا الأنصار أنّ صاحبهم أشعر العرب حيث يقول:
يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم ... لا يسئلون عن السواد المقبل
فقالوا: إنّ هذا لا يغني عنك فقيل غير ما أنت فيه، فقال: الشعر صعب وطويل سلّمه، الأبيات التي مرّت. فقالوا: يا أبا مليكة ألك حاجة؟ قال: لا ولكن أجزع على المديح الجيّد يُمْدَحُ به من ليس له أهلاً.
وعلى قول حسان: يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم، البيت، ذكرت ما حُكي عن بعض الشعراء قال: قلت بيتاً هو أشعر من بيت حسان، قيل له: وكيف؟ قال: قال حسان:
يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم ... لا يسئلون عن السواد المقبل
وقلت أنا:
يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم ... أحداً ولا يسلون من ذاالمقبل
فقيل له: هو بيت حسان إلاّ أنّك أفسدته.
ونظير هذا الأخذ قول أبى محمّد الخازن: قل لباغي الندى خف الله لا تسئله عمراً فإنّه موهوبأخذه من قول أبى تمام:
ولو لم يكن في كفّه غير نفسه ... لجاد بها فليتّق الله سائله
وأقبح من هذا الأخذ ما اتّفق لبعض شعراء عصرنا وذلك أنّه عزّى الحاج محمّد صالح عن كريمة له توفّيت فرثاها بقصيدة سرقها من مهيار الديلمي إلاّ أنّه أفسدها إفساداً قبيحاً، ولولا أنّ العلاّمة الماجد المعنيّ في هذا الكتاب عزم عَلَيّ في إثباتها برمّتها لما أثبتّها على أنّ عدم التنبّه لها يدلّ على خلو عصرنا من أهل الإطلاع على مثل ذلك مع أنّ إنشادها في مثل ذلك النّادي المعظم وقاحة شديدة، قال الشيخ السارق:
لكم البقا يا آل بيت محمّد ... إنّ السلوَّ بغيركم لم يحمد
حزتم محامد لا تقاس بغيرها ... فمحمّد ينمى لخير محمّد
لكم ولي والناس طرّاً سلوٌ ... بالوالد البرّ الرؤف محمّد
هو صالح الأعمال بل هو منتهى ... الآمال شمس هداية المسترشد
هو خير من صحّت مآثر مجده ... هو خير من بردا المكارم مرتدي
هو خير من ألقى النزيل رحاله ... بفنائه من خائف أو مجتدي
هو ملجأٌ للخائفين وعصمة ... ومعرَّس للطالبين ندي اليد
لا قبل نائله إذا سئل الندى ... وعدٌ ولا قبل اللقاء بموعد
قال مهيار:
لا قبل نائله إذا سئل الندى ... وعد ولا قبل اللقاء وعيد

اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست