responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 213
وكلّما متّعت في طيب ذكراك اللسان، قالت العين لاحظ لي في غير العيان، ولقد خالطني برح لم أجد له من براح، وبراني ممضه بري القداح، فبينا أنا أطالع النجود والتهائم، واستنشد عنك البروق والنسائم.

إذا بابن موسى جاء من نحو أرضكم ... بما لو أتى عيسى به لتجمّلا
رسالة شوق مذ فضضت ختامها ... وجدت بها للدرّ "عقداً مفصّلا"
فقبّلت منها أحرفاً وحسبتني ... أُقبّل من كفّيك في الطرس أنملا
وشاهدت معناكم بها ولربّما ... بدا المرء في آياته فتمثّلا
فقلت أراني لست أهلاً لمثلها ... فقال جواد قد حنا وتفضّلا
وإنّي لم أبعث إليه رسالة ... سوى الريح إن هبّت جنوبا وشملألا
فتهلّل وجه الأرض لبشري وابتهاجي، على أنّي كدت أن أطير بأجناح السرور عنها فرحا، وقلت لبراق سعدي رويداً فقد تناهي معراجي، فها أنا أختال على أفلاك الأماني مرحا، وكدت قبل أن أفض لها ختما، أن أستأصلها تقبيلاً ولثما، حتّى إذا فضضت ختامها، ورفعت عن لألأ غرّتها لثامها، وجدتها معاجز محمّديّة، ورأيتها فقراً حسنيّة، تفيض بأسرار البلاغة ينابيع بيانها، وتشير إلى المودّة أساريع بنانها، وتأرّجت الأرجاء بطيبها نفحا، وطفق لسان الشكر ينشىء له مدحا، وترنّمت بلابل الوجد صدحاً.

طلعت الوكته عليك بأسعد ... وأتتك تحسبها سبيكة عسجد
وكأنّ أحرفها على وجناتها ... آس العذار يشقّ خدّي أمرد
ولقد أتت والكتب بيض قبلها ... ورديّة تجلو خدود مورد
وتبسّمت تفترُّ من كلماتها ... كالخود تبسم عن خمار أسود
كاللؤلؤ المنثور وشي حروفها ... لو لم تكن صبغت بماء زبرجد
بالشمئل الشمل استقلّ نسيمها ... وأريجها قد ضاع بالندّ الندي
حتّى كأنّك قد ك تبت سطورها ... دون اليراع بمندل متوقّد
فلثمتها في ناظري لا في فمي ... وحملتها في صبوتي لا في يدي
وطفقت أسحب مطرفيَّ تمايلا ... فكأنّنيى خامرت نشوة صرخد
فكأنَّ معناها سلافة قرقف ... وكأنّما يسقي السلافة منشدي
أمشرّفاً قدري برائق لفظه ... ومطوّقاً جيدي به ومقلّدي
هل كيف تختلس المداد مقدّراً ... كفٌّ قد انبجست ببحر مزبّد
وتشكّل الكلمات في رشحاتها ... وهي السحابة تشتهلّ لمجتدي
يا ساكني الزوراء حسبكم النوى ... فلقد وهى جلدي لكم وتجلّدي
أمرضتموني بالبعاد وإنّما ... أقصى شفائي إن أراكم عوّدي
ألقيت أقليدي إليكم طائعا ... ولكم تقاعس عن سواكم مقودي
كثرت عَلَيّ النائحات صوارخاً ... إن لم أكثّر في هواكم حسّدي
موّهت عنك بحاجر وبلعلع ... ولأنت من تلك العبارة مقصدي
فليحل بالزوراء عيشك سائغاً ... أنّي أغصُّ بكلّ عيش أرغد
وليهنّ أعينك الرقاد فإنَّ لي ... عيناً إذا رقد الملا لم ترقد
أن أسلمتك يد الغرام فإنّني ... ملقىً بقبضته أروح وأغتدي
أو تنس لي العهد القديم فإنّما ... نسيان عهدي حين أقوى معهدي
فلو أنّ لي للكرخ أوبة راجع ... لتخذت مغناه مقدّس مشهدي
ثمّ لم تكتف منك بإرسال هذا الكتاب، وتشريفي بما أكبرته من لذيذ ذلك الخطاب، حتّى عقدت لي قصيدة على حيالها، وزففت لي خريدة من منيع حجالها، قد أخرست كلّ متكلّم بليغ، ورقّت لسلاستها كلّ لذيع، لقد واترت أنعامك على غير مستحقّه، ولعمري لأنت يا محمّد الحسن في خلقه وخلقه، فلم أطو على العجز عن شكرها كشحا، ولم أضرب عن التعرّض لحمدها صفحها، فاقتدحت قريحة خبا زنادها، وأجريت رويّة قد كبت في مضامير القريض جيادها.

يا ريم حسبك مهجتي مرعى ... لا شيح كاظمة ولا الجرّعا
وكفاك عن ورد تلمُّ به ... عين تفيض غروبها دمعا
فارحم جوانح قد حللت بها ... دون الحمى وسكنتها ربعا
ترمي لحاظك والسهام معاً ... إنّ اللحاظ أشدّها وقعا
الله من سهم رميت به ... فأصاب لا غرباً ولا نبعا
كانت حواجبك القسىّ له ... وبغمزهنَّ نزعته نزعا
ريّشته بالهدب مرتمياً ... فتركت آساد الشرى صرعى
يرعاك من لم ترع ذمّته ... ولكمن رعيت لغير من يرعى

اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست