اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 287
المسألة وضعا "حسابيا"، فماذا يفعل وقد نظر فإذا هؤلاء الأعداء أكثر من ثلاثة؟ ولو أنهم كانوا اثنين مثليهما أو حتى ثلاثة ما فر مخلفا صاحبه لهم:
تقول تركت صاحبا لك ضائعا ... وجئت إلينا فارقا متباطنا
إذا ما تركت صاحبي لثلاثة ... أو اثنين مثلينا فلا أبت آمنا1
وحين يتحدث الشنفرى عن غارته على العوص مع أصحابه نراه يحدد عددهم تحديدا "حسابيا" أيضا، فيذكر أنهم كانوا ثمانية، ويحدد الزمن الذي استغرقه طريقهم حتى وصلوا إلى العوص، ثم يحدد أخيرا عدد من صرعوهم من أعدائهم[2].
وحين يتحدث عن صديقه تأبط شرا أو "أم العيال" كما يسميه، ويصف جعبة سهامه، يحرص على أن يقدم لنا إحصائية دقيقة عن عدد هذه السهام في ثلاثون سهما عراض النصال[3].
وإلى جانب هذا "التحديد الحسابي" الذي يستمد دقته من لغة الأرقام نجد صورة أخرى تأتي من "التحديد الجغرافي" الذي يستمد دقته من ذكر المواضع وتحديدها على نحو ما يفعل كتاب الوثائق والعقود!!
فحين يصف الشنفرى خروجه مع أصحابه في بعض غزواتهم يحدد مكان خروجهم تحديدا جغرافيا دقيقا، فيذكر أنهم خرجوا من الوادي الذي يقع بين مشعل وبين الجبا[4]. وحين يهدد بني سلامان، أعداءه الألداء، يحدد المواضع التي سيلاقيهم بها تحديدا جغرافيا دقيقا، ويعددها موضعا موضعا، وهو تحديد يضفي على تهديده لونا من التحدي لهم والاستخفاف بهم؛ لأنه به "يكشف أوراقه"، كما يقال في لغة "اللاعبين"[5]. وحين يهدد عروة أعداءه من الأوس "يكشف لهم أوراقه" أيضا، فيحدد لهم
1 الأغاني 18/ 213. [2] ديوانه "المطبوع"/ 32. [3] المفضليات/ 204 - وديوانه المصور: لوحة رقم 48 - والأغاني 21/ 140. [4] المصادر السابقة: المفضليات/ 203، والديوان / 48، والأغاني / 139. [5] انظر رائيته في ديوانه المطبوع / 35، 36، وديوانه المصور: لوحة رقم 10.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 287