اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 288
الموضع الذي سيلاقيهم به تحديدا دقيقا، فيذكر أنه سيلاقيهم "بمنبطح الأوعال من ذي السلائل"[1]. وكذلك يفعل الأعلم الهذلي:
فلست لحاصن إن لم تروني ... ببطن صريحة ذات النجال
وأمي قينة إن لم تروني ... بعورش وسط عرعرها الطول2
وإلى جانب هذا "التحديد الجغرافي" نجد صورة أخرى من صور الدقة في التعبير يصح أن نطلق عليها "التحديد التعبيري"، ونقصد به ذلك التحديد اللفظي الدقيق لمدلول العبارة الذي يأتي من طبيعة اللفظ أو النظم أو من طبيعتهما معا. فحين يصف تأبط شرا الحية يذكر أن خروجها يكون "بُعيد غروب الشمس":
أصم قطارى يكون خروجه ... بُعيد غروب الشمس مختلف الرمس3
والدقة هنا تأتي من ذلك التصغير لظرف الزمان، وهو تصغير يحدد الوقت تحديدا دقيقا.
وحين يصف غلاما قابله في بعض مغامراته، وكادت الأعجوبة أن تحدث ويسقط تأبط شرا صريع سهم من سهامه، لا يكفي بأن يذكر أنه غلام، ولكنه يحدد طوله وسنه تحديدا طريفا ولكنه دقيق، فهو غلام يزيد طوله على خمسة أشبار، ولكنه لم يبلغ السن التي تشتهيه فيها النساء:
غلام نما فوق الخماسي قدره ... ودون الذي قد ترتجيه النواكح4
وحين يصف تلك القلة البارزة التي تشبه سنان الرمح، والتي يسرع إليها مع أصحابه، يحرص على أن يسجل لنفسه سبقه إياهم في الوصول إليها، ولكنه [1] انظر لاميته في ديوانه/ 210. وذو الشلائل فيه تصحيف صوابه ما أثبتناه هنا كما هو وارد في الأغاني 3/ 75، ومعجم البلدان لياقوت 5/ 105.
2 شرح أشعار الهذليين 1/ 237.
3 لسان العرب: مادة "قطر" - القطاري: الحية تأوي إلى قطر الجبل، أو مأخوذ من القطار وهو سمها الذي يقطر من كثرته.
4 الأغاني 18/ 216. وغلام خماسي: طوله خمسة أشبار "انظر القاموس المحيط مادة "خمس".
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 288