اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 286
الجلود عند حاجز1، والوجوه المشرقة كلون الماء المذهب عند الشنفرى2، والنبت الأخضر في الربيع[3]، واسوداد أنامل الفقراء في الشتاء[4]، وسواد معاصم الفقيرات[5]، والقدر السوداء التي يجتمع حولها الفقراء الجياع[6] عند عروة.
والمظهر الخامس من مظاهر هذه الواقعية الصراحة في التصوير، وتسجيل الواقع كما هو دون محاولة لإخفائه، أو تغيير حقيقته، وقد رأينا في الفصل السابق أمثلة لهذه الصراحة التي تسجل الواقع كما هو في أحاديث الشعراء الصعاليك عن فرارهم وهربهم وعن فقرهم وجوعهم وهزالهم، وهوان وضعهم الاجتماعي.
ولا يجد الشاعر الصعلوك حرجا من أن يتحدث عن فرحته بنعلين أهديتا له كما يفعل أبو خراش[7]، أو يتحدث عن نعليه الباليتين الممزقتين كما يفعل تأبط شرا والشنفرى وأبو خراش أيضا[8]، أو عن ثيابه الأخلاق التي "إذا أنجمت من جانب لا تكفف" كما يقول الشنفرى[9]، أو عن حمله قربة الماء كما يذكر تأبط شرا[10].
والمظهر السادس لهذه الواقعية الدقة في التعبير، تلك الدقة التي تحدد العبارة تحديدا واضحا لا غموض فيه.
فحين يعتذر تأبط شرا عن فراره من أعدائه مخلفا صاحبه لهم يراه يضع
1
ويوم شروم قد تركنا عصابة ... لدى جانب الطرفاء حمراء جلودها
"الأغاني 12/ 51 بولاق".
2
سراجين فتيان كأن وجوههم ... مصابيح أو لون من الماء مذهب
"ديوان في الطرائف/ 32".
3 "حتى يؤكل النبت أخضرا" "ديوانه / 61".
4 "كريما إذا اسود الأمل أزهرا" "المصدر السابق / 69".
5 "ومن كل سوداء المعاصم تعتري" "المصدر السابق / 71".
6 "وإذ ما يريح الحي صرماء جوفة" "المصدر نفسه / 144". [7] ديوان الهذليين 2/ 140، 141. [8] المفضليات / 17، وديوان الشنفرى "المطبوع" / 35، وديوان الهذليين 2/ 131. [9] ديوانه "المطبوع" / 37، والأغاني 21/ 141. [10] البغدادي: خزانة الأدب 1/ 65، ولسان العرب: مادة "عصم". وقد رجحنا في الفصل الأول من هذا الباب أن هذه الأبيات لتأبط شرا.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 286