اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 241
رأين فتى لا صيد وحش يهمه ... فلو صافحت إنسا لصافحته معا1
ويفتخر في قافيته المشهورة بكرمه وتشرده، ويتوعد عاذليه إن لم يكفوا عن عذله بترك ديارهم والمضي متشردا في الآفاق البعيدة حتى يختفي عنهم وما هم بقادرين على معرفة مكانه مهما يجدوا في السؤال عنه:
إني زعيم لئن لم تتركوا عذلي ... أن يسأل الحي عني أهل آفاق
أن يسأل القوم عني أهل معرفة ... فلا يخبرهم عن ثابت لاق2
ويمدح صديقا له من الصعاليك، فلا يجد خيرا من أن يبدأ مدحه بذكر تشرده:
قليل التشكي للمهم يصيبه ... كثير الهوى شتى النوى والمسالك
يظل بموماة ويمسي بغيرها ... جحيشا ويعروري ظهور المهالك3
ثم يمدحه بطائفة من المعاني الأخرى، ولكنه لا ينسى أن يختم مقطوعته بذكر تشرده مرة أخرى، كأنما هو حريص على أن يؤكد هذه الميزة لصاحبه الذي بلغ به تشرده أن أصبحت الوحشة أنسه الأنيس، والصحراء الغامضة المجهولة كتابا مفتوحا يهتدي فيه كما تهتدي الشمس في فلكها:
يرى الوحشة الأنس الأنيس ويهتدي ... بحيث اهتدت أم النجوم الشوابك4
ويفتخر عروة بمقدرته على الاهتداء في الفلاة الغامضة المخوفة التي يعرض سالكها نفسه للمهالك من غير أن يستشير أحدا أو يستعين بأحد:
وغبراء مخشي رداه مخوفة ... أخوها بأسباب المنايا مغرر
قطعت بها شك الخلاج ولم أقل ... لخيابة هبابة كيف تأمر5
1 الأغاني 18/ 217.
2 المفضليات/ 18. وابن قتيبة: الشعر والشعراء / 175، 176.
3 حماسة أبي تمام 1/ 47 - جحيشا: متفردا. يعروري: يركب.
4 المصدر السابق / 49.
5 ديوانه/ 130 - غبراء: مظلمة ليست بمفردة الطرق. وشك الخلاج: ما يخالجه ويشككه.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 241