اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 109
فالمولى عند العرب وسط بين العبد والحر1 "وأحط منزلة من الحر وأرفع من العبد"[2].
آمنت القبيلة العربية بهذه الطبقات الاجتماعية، وعرفت لكل طبقة منزلتها، وما لها من حقوق، وما عليها من واجبات، وتعارفت على الصلات التي تكون بين أفراد كل طبقة وأفراد الطبقتين الأخريين.
وما أظن أننا في حاجة إلى القول بأن طبقة العبيد كانت في حالة اجتماعية سيئة في هذا المجتمع الأرستقراطي[3] الذي يؤمن بوحدته وبجنسه إيمانا عميقا، والذي يمثل العنجهية الجاهلية بكل ما فيها من معاني الطغيان والجبروت والاستبداد أقوى تمثيل، حتى لنجد أن هذه الطبقة كانت من أسرع الطبقات استجابة إلى دعوة الإسلام الذي ضمن لهم حقوقهم، ونظم علاقاتهم بساداتهم تنظيما إنسانيا عادلا، والذي أتاح لهم فرصا كثيرة للعتق والتحرر. وليس من شك في أن حياة هذه الطبقة كانت سلسلة من الذل، تبدأ منذ أن يشتري السيد عبده، ويقوده إلى منزله ليتصرف فيه كيف شاء. ولم يكن يعهد للعبيد إلا بتلك الأعمال التي يأنف السادة من القيام بها، وهي تلك التي سميناها "الأعمال الفرعية في المجتمع القبلي"، فإذا مات السيد ورث ورثته عبيده كما يرثون سائر متاعه إلا إذا كان قد أوصى لهم بحريتهم بعد موته[4].
ومع ذلك، ومع حرص العربي على الشرف في كلا طرفيه، كان يحدث أحيانا أن يتزوج العربي من أمته، ولكن المجتمع الجاهلي كان يرى في هذا الزواج زواجا غير متكافئ، ومن هنا أطلق على ثمرته اسما خاصا، فسمى ابن العربي من الأمة "هجينا"[5]، ومن الطبيعي ألا ينظر إلى هذه الصلة
1 جرجي زيدان: تاريخ التمدن الإسلامي 4/ 21. [2] المصدر السابق/ 24. [3] lammens; le berceau de i'islam, vol. i, p. 198, p. 277. [4] جرجي زيدان: تاريخ التمدن الإسلامي 4/ 20. [5] في القاموس المحيط "مادة هجن". "والهجين: اللئيم، وعربي ولد من أمة أو من أبوه خير من أمه"، ويقول المبرد "والهجين عند العرب الذي أبوه شريف وأمه وضيعة، والأصل في ذلك أن تكون أمة" "الكامل/ 302".
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 109