responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي المؤلف : حسين عطوان    الجزء : 1  صفحة : 203
وهو لا يكاد يصبر على موت أخيه، لعظم رزئه به، فقد كانا أخوين متحابين متراحمين، إذا أصاب أحدهما أذى واساه الآخر، وإذا حاق به خطر هب لنجدته. وكان أخوه سمحا رفيقا بعشيرته، كثير الإحسان إليها، واسع المعروف فيها، مخلصا في الدفاع عنها. فلما مات هان على الناس، إذ أصبح وحيدا لا نصير له، كأنه الرمح لا سنان له يطعن به، واليد اليمنى القوية لا أصابع لها تغني بها. بل لقد تألب الأعداء عليه، واستهانوا به، لضعفه وعجز مواليه!
وأكثر ما حفظ من شعر الرثاء بخراسان يتصل برثاء الأشقاء والأبناء والأمراء، الذين قتلوا في الفتن السياسية، أو الذين لاقوا حتوفهم على فرشهم.
ومن أول الشعر الذي صاح به الشعراء على صرعى الحروب القبلية مقطوعة لموسى بن عبد الله بن خازم، ناح بها على أخيه محمد، وقد أهلكه بنو تميم بهراة، يقول1:
ذكرت أخي والخلو مما أصابني ... يغط ولا يدري بما في الجوانح2
دعته المنايا فاستجاب دعاءها ... وأرغم أنفي للعدو المكاسح3
فلو ناله المقدار في يوم غارة ... صبرت ولم أجزع لنوح النوائح
ولكن أسباب المنايا صرعته ... كريما محياه عريض المنازح4
بكف امرئ كز قصير نجاده ... خبيث نثاه عرضه للفضائح5
فهو موجع الفؤاد، ملتاع النفس، لأن بني تميم سفكوا دم أخيه هدرا، وهو يرى أنه لو خر صريعا في ميدان الحرب، لكان في موته بها ما يعزيه عنه، وما يخفف

1 معجم الشعراء ص: 287.
2 الخلو: الفارغ. وغط في نومه: نخر. والجوانح: أوائل الضلوع تحت الترائب مما يلي الصدر.
3 المكاشح: العدو الذي يضمر عداوته ويطوي عليها كشحه أي باطنه.
4 عريض المنازح: بعيد الضرب في الأرض.
5 في الأصل: خبيث ثناه. بتقديم الثاء، وهو تحريف ظاهر. والكزم: البخيل الذي لا ينبسط وجهه. وقصير نجاده: أي حمائل سيفه قصيرة، وهي كناية عن قصر القامة. والنثا: الحديث عن الشخص بالشر أو بالخير.
اسم الکتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي المؤلف : حسين عطوان    الجزء : 1  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست