responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي المؤلف : حسين عطوان    الجزء : 1  صفحة : 204
مصابه فيه. ولكن الذي يؤذيه ويسوؤه أنه قتل غدرا، ففقد شقة نفسه، وأهينت كرامته، ووهنت قوته، وأذعن صاغرا لخصومه الذين يدارون عداوتهم له، ولا يجهرون بها جهرا. ومما زاد من هول الكارثة التي نزلت به أن من اغتال أخاه الأريحي الجريء، شخص لئيم بخيل، قصير، ناقص الخلقة، فاسد السيرة، سيئ السمعة.
ومثل أبيات ابن خازم في حرارتها وصدقها أبيات لعبد الرحمن بن جمانة الباهلي[1] في رثاء قتيبة بن مسلم الباهلي، فكلاهما فجع في إنسان تربطه به روابط الدم ووشائج القريي، وكلاهما روع في شخص له مكانته وقيمته، بل إن أبيات ابن جمانة تفوق أبيات ابن خازم شجا وحزنا، فإنه لم ينكب في قريب له، عزيز عليه فقط، وإنما نكب في بطل له تاريخه وماضيه، وفي رجل كان رأس قبيلته، وسيدها العظيم، الذي ارتفعت بحياته، وانحطت بمماته، يقول2:
كأن أبا حفص قتيبة لم يسر ... بحيش إلى جيش ولم يعل منبرا
ولم تخفق الرايات والقوم حوله ... وقوف ولم يشهد له الناس عسكرا
دعته المنايا فاستجاب لربه ... وراح إلى الجنات عفا مطهرا
فما رزئ الإسلام بعد محمد ... بمثل أبي حفص فبكيه عبهرا3
فقد تملك عليه الحزن قلبه وحرقه، واستبد به الذهول من شدة الصدمة التي صدم بها بعد اغتيال قتيبة، حتى إنه لم يصدق أن ذلك الفارس المغوار، والقائد المظفر، والخطيب الساحر أصبح جثة هامدة تحت التراب، لا حياة فيها، ولا حول لها. ولم يزل إحساسه بالفاجعة الأليمة يتضخم في نفسه حتى تصور أنه أكبر شخصية امتحن العرب بفقدها بعد الرسول الكريم ولكنه لم يلبث أن صحا من سكرته،

[1] في نقائض جرير والفرزدق 1: 363، جمانة بن عبد الملك، وهو رجل من بني أوس بن معن بن مالك. وفي المؤتلف والمختلف ص: 109، عبد الملك بن جمانة الباهلي.
2 الطبري 9: 1303، ونقائض جرير والفرزدق 1: 363، والبداية والنهاية 9: 68.
4 عبهر: يعني أم ولده.
اسم الکتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي المؤلف : حسين عطوان    الجزء : 1  صفحة : 204
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست