اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 65
فلذلك ضرب به قتيبة المثل.
والشح على الوطن والحنين إليه، والصبابة به، مذكورةٌ في القرآن، مخطوطةٌ في الصحف بين جميع الناس. غير أن التركي للعلل التي ذكرناها أشد حنيناً وأكثر نزوعاً.
وباب آخر، مما كان يدعوهم إلى الرجوع قبل العزم الثابت، والعادة المنقودة: وذلك أن الترك قومٌ يشتد عليهم الحصر والجثوم، وطول اللُّبث والمكث، وقلة التصرف والتحرك، وأصل بنيتهم إنما وضع على الحركة، وليس للسكون فيها نصيب، وفي قوى أنفسهم فضلٌ على قوى أبدانهم، وهم أصحاب توقد وحرارة، واشتغال وفطنة، كثيرةٌ خواطرهم، سريع لحظهم، وكان يرون الكفاية معجزة، وطول المقام بلادة، والراحة عقلة، والقناعة من قصر الهمة؛ وأن ترك الغزو يورث الزلة.
اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 65