فقول أبي النجم:
قَدَ أَصْبَحَتْ أُمُّ الخِيَارِ تَدَّعي ... عَليَّ ذَنْباً كُلُّهُ لَمْ أَصْنَع
يفيد أنه لم يصنع شيئاً منه، لأنّه قدّم أداة العموم على أداة السلب.
أمثلة وتطبيقات
أُقدّم أمثلة وتطبيقاتٍ قد لا تكون شاملة لكل دواعي تقديم المسند إليه على المسند الفعلي، والمسند الذي يتحمّل الضمير كالفعل، رجاءَ أن تكون هاديةً للدّارس الباحث البلاغي، فيقيسَ عليها، ويستخرج ما يراه من دواعي بلاغيّةٍ في مختلِف النُّصوص التي يدرسها من كتاب الله عزّ وجلّ، وأقوال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقوال البلغاء من ناثرين وشعراء ذوّاقي الأدب الرفيع، وعناصره الإِبداعيّة والجمالية:
المثال الأول: قول الله عزّ وجلّ في سورة (آل عمران/ 3 مصحف/ 89 نزول) بشأن فريق من اليهود:
{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بالكتاب لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكتاب وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللًّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ الله وَيَقُولُونَ عَلَى الله الكذب وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الآية: 78] .
جملة: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} جملةٌ حالية قُدِّمَ فيها المسند إليه على المسند الفعلي لتقوية الإِسناد فيها وَتأكيده، لأنّ مقتضى الحال يستدعي التقوية والتأكيد.
والسبب في ذلك أنّ هؤلاء كانُوا يكتبون مكتوبات يزعُمُون أنَّها ممّا أنْزَل اللهُ في الكتُب على رسُلِهِمْ، ويتخذون مع ذلك حيلةً لترويج ما كتبوه وافتروهُ على اللَّهِ