اسم الکتاب : البديع في وصف الربيع المؤلف : الحميري، أبو الوليد الجزء : 1 صفحة : 33
فقلت سبحان العزيز الذي ... أودع ذا الثوب رفيع الهمم
أروع في سؤدده سابقا ... أبيض مثل البدر بادي الشمم
كأنما صفرة أثوابه ... وطيبها نرجسه إذ تشم
قد كنت يا نرجس من قبل ذا ... تبخس من حقك ما قد علم
فالآن فافخر في جميع الورى ... على النواوير وحاشاك ذم
بعز من قد حزت تشريفه ... وفضل من لا فارقته النعم
وأنشدني لنفسه الفقيه أبو الحسن بن علي في النرجس الكبير الذي تسميه العامة "القادوسي" تشبيها بالقادوس على لغتهم، وصوابه القدس، أبياتا رقاقا تضمنت معاني دقاقا موصولة بمدح الحاجب سراج الدين الثاقب وهي: [البسيط]
في النرجس القدسي النور والقصب ... حسن يفوق به تربيه في النسب
له من التبر كأس قاعه لحج ... موسع العلو قد أبداه للعجب
مشم طيب إذا استنشيت زهرته ... وظرف أنس إذا ما شئت للنخب
ومائل الجيد من سكر النعيم به ... حكى ثنى الثمل المشغوف باللعب
كغادة ثوبها من سندس طلعت ... للشرب في كفها كأس من الذهب
فكيف يعقل حظ النفس من طرب ... من كان يلحظ هذا الحسن من كثب
ثم دخل إلى المدح فقال: [البسيط]
يا حاجبا رقمت في الكتب سيرته ... بالحبر وانتقشت بالتبر في القضب
ويا عمادا له ندى ووغى ... ذا للأيادي، وذا للبيض واليلب
إن دمت للعجم لم يعجم لها خبر ... وأعرب السعد بالإقبال للعرب
قوله: "حسن يفوق به تربيه" يعني النرجس الأصفر المعروف، والنرجس المسمى بالبهار. وقوله "قاعه لحج" اللحج: الضيق، ولم أر لأحد قبله في هذا الصنف من النرجس وصفا، وهو معدوم عندنا بإشبيلية..
وكان كتب إلي مع هذه القطعة بيتين وهما: [البسيط]
اسأل أبا عامر عنه ابن مسلمة ... تسأل خبيرا بمعنى الظرف والأدب
إن صار قوم إلى قصف على مهل ... طواهم بخطا التقريب والخبب
وقال صاحب الشرطة أبو بكر بن القوطية يصفه في أبيات وهي: [مخلع البسيط]
زبرجد فوقه نضار ... مخلص لم تذبه نار
كأنما هب من كراه ... وسنان أو شفه انكسار
وطاب عند المشم حتى ... للمسك من بينه انتشار
قد شارك الدهر فهو ليل ... وافاه من صبحه اصفرار
فأول الخلق منه ليل ... ومنتهى خلقه نهار
أبدعه في الرياض منش ... له على الخلقة اقتدار
شبه خضرة سوقه بسواد الليل، والخضرة والسواد عند العرب بمنزلة.
ويقرب من معنى هذا القطعة ما أنشدنيه لنفسه فيه الفقيه أبو الحسن بن علي وهو: [الطويل]
أرى النرجس التبري يعنو له الفكر ... ويقصر عن أوصافه النظم والنثر
كأن الدجا قد صاغ خضرة ثوبه ... وألقى عليه حسن صفرته الفجر
تخال به في الروض أقيال معشر ... ثيابهم خضر وتيجانهم صفر
يحييك بالتأنيس رونق حسنه ... ويلقاك منه قبل رؤيته النشر
قال أبو الوليد: ولي قطعة في النرجس [موصولة] بمدح ذي الوزارتين عباد_وصل الله حرمته وأطال مدته_وهي: [الطويل]
وروض أريض لم يزل يغتذي بما ... يروح عليه من سحاب ويغتدي
بدا النرجس المصفر فيه مباهيا ... بلون كلون المستهام المسهد
ترى كل نور منه فوق قضيبه ... كلمة تبر فوق جيد زبرجد
إذا ما سرى منه نسيم لواله ... سرى عنه جلباب الجوى المتوقد
حكى منظرا نصرا وخبرا خلائق الن ... نجيب أبي عمرو سليل محمد
[فداه عداه كم له من فضيلة ... وفضل ندى يغني به كل مجتد]
قال أبو الوليد: هذا ما جمعته في النرجس، ويجب أن نبدأ بذكر الورد، ونورد ما وقع إلينا من تمثيل حسن وتشبيه.
الورد
لم يوجب تأخير أمره، ولا ولد إرجاء ذكره تأخر منزله، ولا انحطاط رتبته، وإنما بنينا أن نقدم من تقدم به زمانه، ونبدأ بمن بكر به أوانه، وقد مضت مشاهير الأنوار المبكرة التي كثر القول فيها، وتردد الوصف لها. فمن المستندر في الورد قول الحاجب أبي الحسن جعفر بن عثمان المصحفي وقد أهدى إليه الوزير زياد بن أفلح وردا سيق إليه من "ريه" في شهر كانون الآخر [وهو_أعني قول المصحفي_] : [الطويل]
لعمرك ما في فطرة الروض قدرة ... تحيل بها مجرى الزمان عن الحد
اسم الکتاب : البديع في وصف الربيع المؤلف : الحميري، أبو الوليد الجزء : 1 صفحة : 33