اسم الکتاب : البديع في وصف الربيع المؤلف : الحميري، أبو الوليد الجزء : 1 صفحة : 34
ولكنا أخلاقك الغر نبهت ... بربعك في كانون نائمة الورد
كأنك قد أمطرتها ديمة المجد ... وأجريت في أغصانها كرم العهد
فلما وصل هذا النظم المستملح إلى زياد بن أفلح بعث إليه بوردة كان احتسبها لنفسه فكتب إليه ثانية بيتين وهما: [الكامل]
فاجأني كانون بالورد ... فزادني وجدا إلى وجد
ورد العلا أهدى لنا وردة ... يا حبذا الورد من الورد
ومن السري السني قول الوزير الكاتب أبي مروان الجزيري رحمه الله: [الكامل]
أهدى إليك تحية من عنده ... زمن الربيع الطلق باكر ورده
يحكي الحبيب سرى لوعد محبه ... في طيب نفحته وحمرة خده
وكتب أيضا أبو مروان إلى الوزير أبي مروان عبد الملك بن شهيد في أخريات أيام الورد بأبيات أنيقة الصفات وهي: [البسيط]
قل للوزير الذي جلت فضائله ... فسر لنا شرح معنى سال سائله
وأي وصليه موجودا ومفتقدا ... أولى وأجدر أن ترعى وسائله
وقد أتاك لتوديع على عجل ... خضرا مقانعه حمرا غلائله
فامنحه منك قبولا واقض نهمته ... من الوداع فقد شدت رواحله
وبلغني أن الوزير ابن شهيد جاوبه بأبيات لم تقع إلي ولا وردت علي. وأنشدني الوزير أبو عامر بن مسلمة للوزير أبيه_رحمة الله عليه_أبياتا مطبوعة كتب بها إلى الوزير عيسى بن سعيد يستدعيه إلى الفصد، تضمنت وصفا حسنا للورد [وهي] : [الخفيف]
ما يطيب التفجير دون صديق ... ممحض مخلص شقيق شفيق
وقد اخترته نهارا بهيا ... كمحياك مستنير الشرق
عندنا الورد قد تألق من لو ... نين لون المها ولون العقيق
كخدود تبرقعت بحياء ... فوق ديباجها الأنيق الدقيق
فتفضل وخف نحو صديق ... أنت في نفسه أجل صديق
ونزل أبو عمر يوسف بن هارون الرمادي على بني أرقم ب "وادي آش" فقدم إليه فيما أكرم به طبق ورد، وكان في فصل الشتاء فاستغربه، ثم أخذ منه وردة واحدة وقال [بديهة] : [الرمل]
يا خدود الحور في إخجالها ... قد علتها حمرة مكتسبه
اغتربنا أنت من بجانة ... وأنا مغترب من قرطبه
واجتمعنا عند إخوان صفا ... بالندى أموالهم منتهبه
عصبة إن سئلت عن نسبة ... فإلى أرقمها منتسبه
إن لثمي لك قدامهم ... ليس فيه فعلة مستغربه
لاجتماع في اغتراب بيننا ... قبل المغترب المغتربه
ومما يستحسن فيه، وتستملح معانيه، قطعة لأبي عمر أحمد بن دراج القسطلي، موصولة بمدح المظفر بن أبي عامر_رحمه الله_وهي: [الكامل]
ضحك الزمان لنا فهاك وهاته ... أوما رأيت الورد في شجراته؟
قد جاء بالتأريج من أغصانه ... وبخجلة المعشوق من وجناته
وكساه مولانا غلائل سيفه ... يوما يسربله دماء عدته
من بعد ما نفح الحيا من روحه ... فيه وعرف المسك من نفحاته
إن كان أبدع واصف في وصفه ... فلقد تقاصر عن بديع صفاته
كمديح سيف الدولة الأعلى الذي ... أعيا فأغيا في مدى غاياته
ملك ينم الجود في لحظاته ... واليمن والإيمان في عزماته
وحياته إن كان أبقى حاجة ... لمن ارتجاه غير طول حياته
ولبي القاسم بن شبراق في وردة لم تفتح وصف حسن مستملح: [المنسرح]
خجلت إذا تأملتها العيون ... خجلا في احمرارها يستبين
وردة وردت دموعي شوقا ... للتي خدها بها مقرون
بنت غصن يقر بالكرم الده ... ر لها في رياضها والغصون
واستسرت عن العيون حياء ... وعرا عرفها الذكي سكون
سترت وجهها ببرقعها واس ... تقبلتنا من الفتون فنون
كالفتاة الحية انتقبت كي ... لا يرى وجهها الجميل المصون
وكتب الوزير أبو عامر بن مسلمة إلى ذي الوزارتين أبو عمر عباد_أعزه الله وأحسن ذكراه_في زمن الورد يصفه فأحسن الوصف، وأبدع التشبيه [أنشدنيه وهو] : [مجزوء الرجز]
عباد يا خير الورى ... ومن به تزهى المدح
يا قمر الأرض ومن ... علا سماء ورجح
أما ترى الورد وقد ... رنا بطرف ولمح
كأنه دم جرى ... على طلى بيض وضح
أو خد غض عضه ... لحظ محب فانجرح
كأنما نسيمه ... عن خلق منك نفح
اسم الکتاب : البديع في وصف الربيع المؤلف : الحميري، أبو الوليد الجزء : 1 صفحة : 34