البصريون والكوفيون على خلاف في أصل الاشتقاق. فقد أكد البصريون أن الفعل فرع على المصدر في الاشتقاق، على أن من هؤلاء من رد الصفات إلى المصدر أيضاً، ومنهم من ردها إلى الفعل. وخالفهم الكوفيون فأكدوا أن الفعل هو الأصل والمصدر هو الفرع. قال سيبويه في الكتاب (1/1) : "وأما الفعل فامثلته أخذت من لفظ أحداث الأسماء. والأحداث نحو الضرب والقتل والحمد.." فجعل أحداث الأسماء وهي المصادر الأصل في الاشتقاق وقال ابن جني في الخصائص (1/127) : "وإذا ثبت أمر المصدر الذي هو الأصل، لم يتخالج شك في الفعل الذي هو الفرع" فاعتد المصدر هو الأصل والفعل هو الفرع. على أنه رد الصفات إلى الفعل فقال (1/432) : ".. قيل يمنع من هذا أشياء، منها وجود أسماء مشتقة من الأفعال، نحو قائم من قام، ومنطلق من انطلق، ألا تراه يصح لصحته ويعتل لاعتلاله نحو ضرب فهو ضارب وقام فهو قائم وناوم فهو مناوم".
ولكن ما حجة البصريين في أصلية المصدر وفرعية الفعل؟.
الاشتقاق عند البصريين هو اقتطاع فرع من أصل يدور في تصاريفه الأصل. ويراد بالأصل هنا الحروف الموضوعة على المعنى وضعاً أولياً. فالفرع لفظ فيه تلك الحروف مع نوع تغيير، ينضم إليه معنى زائد على الأصل. فالضرب يدل بلفظه على الحركة المعلومة المسماة بهذا الاسم وحدها فهو الأصل، أما ضرب ويضرب وضارب ومضروب فهو الفرع، ذلك أن فيه حروف الأصل وهي الضاد والراء والياء، وزيادات لفظية، وهو ينطوي بهذه الحروف والزيادات على معنى الأصل وهو الضرب ومعنى آخر، وهكذا بنى البصريون رأيهم على أن الفرع ما كان فيه معنى الأصل مع زيادة هي غرض الاشتقاق.