وقد أيد البصريين فيما ذهبوا إليه، واقتاس بهم، وجرى على منهاجهم كثير من الأئمة، وفي مقدمة هؤلاء أبو البركات ابن الأنباري (ت 577هـ) في كتابه (الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين) وأبو البقاء عبد الله بن الحسن بن عبد الله العكبري (ت 616هـ) في كتابه (التبيين في مسائل الخلاف بين الكوفيين والبصريين) ولم يبق من هذا الكتاب إلا نُقول جاءت في بعض كتب الخلف، ومنها كتاب (الأشباه والنظائر) للسيوطي إذ جاء فيه (1/128) : "قال أبو البقاء في التبيين: الدليل على أن الفعل مشتق من المصدر طرق، منها: وجود حد الاشتقاق في الفعل، وذلك أن الفعل يدل على حدث وزمان مخصوص فكان مشتقاً وفرعاً على المصدر.. وتحقيق هذه الطريقة أن الاشتقاق يراد لتكثير المعاني، وهذا المعنى لا يتحقق إلا في الفرع الذي هو الفعل، وذلك أن المصدر له معنى واحد، وهو دلالته على الحدث فقط، ولا يدل على الزمان بلفظه، والفعل يدل على الحدث والزمان المخصوص فهو بمنزلة اللفظ المركب فإنه يدل على أكثر مما يدل عليه المفرد، ولا تركيب إلا بعد الإفراد، كما أنه لا دلالة على الحدث والزمان المخصوص إلا بعد الدلالة على الحدث وحده ... " وأردف: "وطريقة أخرى وهي أن تقول: الفعل يشتمل لفظه على حروف زائدة على حروف المصدر، تدل تلك الزيادة على معان زائدة على معنى المصدر، فكان مشتقاً من المصدر.. ومعلوم أن ما لا زيادة فيه أصل لما فيه الزيادة..".