اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 217
ذلك أوقع لها في السمع وأذهب بها في الدلالة على القصد ألا ترى أن المثل إذا كان مسجوعا لذ لسامعه فحفظه فإذا هو حفظه كان جديرًا باستعماله ولو لم يكن مسجوعًا لم تأنس النفس به[1]، ولا أنقت لمستمعه[2]، وإذا كان كذلك لم تحفظه وإذا لم تحفظه لم تطالب أنفسها باستعمال ما وضع له وجيء به من أجله. وقال لنا أبو علي يومًا: قال لنا أبو بكر [3]: إذا لم تفهموا كلامي فاحفظوه فإنكم إذا حفظتموه فهمتموه. وكذلك الشعر: النفس له أحفظ وإليه أسرع ألا ترى أن الشاعر قد يكون راعيًا جلفًا أو عبدًا عسيفًا تنبو صورته وتمج جملته[4]، فيقول ما يقوله من الشعر فلأجل قبوله وما يورده عليه من طلاوته[5]، وعذوبة مستمعه[6] ما يصير قوله حكمًا يرجع إليه ويقتاس[7] به ألا ترى إلى قول العبد الأسود 8:
إن كنت عبدًا فنفسي حرة كرمًا ... أو أسود اللون إني أبيض الخلق
وقول نصيب 9:
سودت فلم[10] أملك سوادي وتحته ... قميص من القوهي بيض بنائقه11 [1] كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "له". [2] كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "يستمعه". وضبط في ب بفتح الميم في معنى المصدر أي لاستماعه. وفي أبكسر الميم. [3] هو ابن السراج. [4] كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "خلقته". [5] الطلاوة -مثلثة الطاء: الحسن والبهجة. [6] في ش: "مسمعه". [7] كذا في أ، ج. وفي ش، ب: "يقاس".
8 هو سحيم عبد بني الحسحاس، وانظر الأغاني ص2 ج20 طبعة بولاق، والديوان.
9 هذا يوافق ما في الأمالي 2/ 88 وذيلها 127, والأغاني طبعة الدار 1/ 354. وقد نسب صاحب الأغاني 20/ 2 طبعة بولاق إلى سحيم، وليس في ديوانه، ونسبه صاحب اللسان في "فوه" إلى نصيب. [10] كذا في أ، ج. وفي ب، ش: "ولم".
11 القوهي: ضرب من الثياب البيض ينتسب إلى قوهستان، وهو إقليم في فارس. وقوهستان معناه في الأصل موضع الجبال. وانظر معجم ياقوت. والبنائق جمع بنيقة، وبنائق القميص: العرا التي تدخل فيها الأزرار، ويريد بالقميص الذي تحت سواده قلبه وخلقه.
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 217