اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 127
لم تنطق بقياسك أنت كنت على ما أجمعوا عليه البتة وأعددت ما كان قياسك أداك إليه لشاعر مولد, أو لساجع, أو لضرورة؛ لأنه على قياس كلامهم. بذلك وصى أبو الحسن.
وإذا فشا الشيء في الاستعمال وقوي في القياس فذلك ما لا غاية وراءه نحو منقاد اللغة من النصب بحروف النصب والجر بحروف الجر والجزم بحروف الجزم وغير ذلك مما هو فاش في الاستعمال, قوي في القياس.
وأما ضعف الشيء في القياس, وقلته في الاستعمال فمرذول[1] مطرح؛ غير أنه قد يجيء منه الشيء إلا أنه قليل. وذلك نحو ما أنشده[2] أبو زيد من قول الشاعر3:
اضرب عنك الهموم طارقها ... ضربك بالسيف قونس الفرس4
قالوا أراد: "اضربن عنك " فحذف نون التوكيد وهذا من الشذوذ في الاستعمال على ما تراه ومن الضعف في القياس على ما أذكره لك. وذلك أن الغرض في التوكيد إنما هو التحقيق والتسديد[5]، وهذا مما يليق به الإطناب والإسهاب وينتفي عنه الإيجاز والاختصار. ففي حذف هذه النون نقض الغرض. فجرى وجوب استقباح هذا في القياس مجرى امتناعهم من ادّغام الملحق؛ نحو مهدد وقردد، [1] كذا في أ، ب. وفي ش: "فردود". [2] كذا في ج. وفي أ، ب، ش: "أنشدناه". ولم يدرك أبو الفتح أبا زيد. فإن صح هذا فإن المراد: أنشدناه في كتابه، كأنما يخاطبنا فيه، ولا يريد: أنشدنا شفاها.
3 قال ابن بري: "البيت لطرفة؛ ويقال: إنه مصنوع عليه" وانظر اللسان في "قنس". وفي نوادر أبي زيد 13: "قال أبو حاتم: أنشدني الأخفش بيتا مصنوعا لطرفة:
اضرب عنك الهموم طارقها ... ضربك بالسيف قونس الفرس
وقال: أراد النون الخفيفة.
4 قونس الفرس: ما بين أذنيه، وقيل مقدم رأسه وقوله "بالسيف" في اللسان بدله "بالسوط انظر اللسان في قنس. [5] كذا في أ، وفي ش: "التشديد" وفي ب احتمال هذا وذاك؛ فإن النقط غير ظاهر.
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 127