responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني    الجزء : 1  صفحة : 126
من ذلك اللغة التميمية في "ما " هي أقوى قياسًا وإن كانت الحجازية أسير استعمالا. وإنما كانت التميمية أقوى قياسًا من حيث كانت عندهم كـ " هل " في دخولها على الكلام مباشرة كل واحد من صدري الجملتين: الفعل والمبتدأ كما أن " هل" كذلك. إلا أنك إذا استعملت أنت شيئًا من ذلك فالوجه أن تحمله على ما كثر استعماله وهو اللغة الحجازية؛ ألا ترى أن القرآن بها نزل. وأيضًا[1] فمتى رابك في الحجازية ريب من تقديم خبر, أو نقض النفي فزعت إذ ذاك إلى التميمية فكأنك من الحجازية على حرد[2]، وإن كثرت في النظم والنثر.
ويدلك على أن الفصيح من العرب قد يتكلم باللغة غيرها أقوى في القياس عنده منها ما حدثنا به أبو علي رحمه الله قال: عن أبي بكر[3] عن أبي العباس[3] أن عمارة[3] كان يقرأ {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} بالنصب قال أبو العباس: فقلت له: ما أردت؟ فقال: أردت {سَابِقُ النَّهَارِ} قال: فقلت له: فهلا قلته؟ فقال: لو قلته لكان أوزن. فقوله: أوزن أي أقوى وأمكن في النفس. أفلا تراه كيف جنح إلى لغة وغيرها أقوى في نفسه منها. ولهذا موضع نذكره فيه.
واعلم أنك إذا أداك القياس إلى شيء ما ثم سمعت العرب قد نطقت فيه بشيء آخر على قياس غيره فدع ما كنت عليه إلى ما هم عليه. فإن سمعت من آخر مثل ما أجزته فأنت فيه مخير: تستعمل أيهما شئت. فإن صح عندك أن العرب

[1] هذا دليل آخر على أن التميمية في "ما" أقوى قياسا من الحجازية.
[2] الحرد: المنع أو الغضب. يريد: كأنه غاضب على الحجاز غير مطمئن إليها يخرج منها ما تهيأت له الفرصة، أو أنه على المنع لها والتحرج منها. وقد يكون الأصل: "على حرف".
[3] أبو بكر هو ابن السراج. وأبو العباس: المبرد. وعمارة هو ابن عقيل بن بلال بن جرير. وانظر غرائز الآلوسي 114.
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني    الجزء : 1  صفحة : 126
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست