اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 125
وبعدها عن الواو فإذا صحت نحو الحوكة كان أسهل من تصحيح نحو البيعة. وذلك أن الألف لما قربت من الياء أسرع انقلاب الياء إليها, فكان ذلك أسوغ من انقلاب الواو إليها لبعد الواو عنها ألا ترى إلى كثرة قلب الياء ألفًا استحسانًا لا وجوبًا, نحو قولهم في طيئ: طائي, وفي الحيرة: حاريّ, وقولهم في حيحيت, وعيعيت, وهيهيت: حاحيت, وعاعيت, وهاهيت. وقلما ترى في الواو مثل هذا.
فإذا كان بين الألف والياء هذه الوصل والقرب كان تصحيح نحو بيعة, وسيرة, أشق عليهم من تصحيح نحو الحوكة والخونة لبعد الواو من الألف, وبقدر بعدها عنها[1] ما يقل انقلابها إليها.
ولأجل هذا الذي ذكرناه عندي ما كثر عنهم نحو اجتوروا, واعتونوا, واهتوشوا. ولم يأت عنهم من هذا التصحيح شيء في الياء, ألا تراهم لا يقولون: ابتيعوا ولا استيروا ولا نحو ذلك وإن كان في معنى تبايعوا وتسايروا. وعلى أنه قد جاء حرف واحد من الياء في هذا فلم يأت إلا معلا وهو قولهم: استافوا, في معنى تسايفوا ولم يقولوا: استيفوا لما ذكرناه من جفاء ترك قلب الياء ألفًا في هذا الموضع الذي قد قويت[2] فيه داعية القلب. وقد ذكرنا هذا في "كتابنا في شعر هذيل " بمقتضى الحال فيه [3].
وإن شذ الشيء في الاستعمال وقوي في القياس كان استعمال ما كثر استعماله أولى وإن لم ينته قياسه إلى ما انتهى إليه استعماله. [1] ما زائدة أو مصدرية. [2] كذا في ش، ب. وفي أ: "قربت". [3] كذا في أ، ب، وسقط هذا اللفظ "فيه" في ش.
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 125