اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 124
فقد ترى إلى توافي هذه الأشياء وتباين شعاعها وكونها[1] عائدة إلى موضع واحد, لأن التنوق والجمال والأنس والوشي والديباج مما يؤثر ويستحسن -وكنت عرضت هذا الموضع على أبي علي رحمه الله فرضيه وأحسن تقبله-فكذلك[2] يكون استنوق من باب استحوذ من حاذ يحوذ من حيث كان في الناقة معنى الفعل من التنوق دون أن يكون بعيدًا عنه كما رمت أنت في أول الفصل. انقضى السؤال.
فالجواب أن استنوق أبعد عن الفعل من استحوذ على ما قدمنا. فأما ما في الناقة من معنى الفعلية والتنوق فليس بأكثر مما في الحجر من معنى الاستحجار والصلابة, فكما أن استحجر الطين واستنسر البغاث من لفظ الحجر والنسر فكذلك استنوق من لفظ الناقة والجميع ناء عن الفعل وما فيه من معنى الفعلية إنما هو كما في مفتاح ومدق ومنديل ونحو ذلك منه.
ومما ورد شاذًّا عن القياس ومطردًا في الاستعمال قولهم: الحوكة والخونة. فهذا من الشذوذ عن القياس على ما ترى وهو في الاستعمال منقاد غير متأب ولا تقول على هذا في جمع قائم: قومة ولا في صائم: صومة ولو جاء على فعلة ما كان إلا معلا. وقد قالوا على القياس: خانة.
ولا تكاد تجد شيئًا من تصحيح نحو مثل[3] هذا في الياء: لم يأت عنهم في نحو بائع وسائر بيعة ولا سيرة. وإنما شذ من هذا مما عينه واو لا ياء نحو الحوكة والخونة والخول والدول [4]. وعلته عندي قرب الألف من الياء [1] عطف على "توافي". [2] كذا في ش، ب. وفي أما يقرب أن يكون: "فذلك". [3] سقط لفظ "مثل" في ش، ب. [4] هو التبل المتداول.
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 124