responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 78
فنقول: إ نما أعمل الأول منهما مراعاة للمعنى؛ لأنه لو أعمل الثاني لكان الكلام متناقضًا، وذلك من وجهين؛ أحدهما: أنه لو أعمل الثاني لكان التقدير فيه: كفاني قليل ولم أطلب قليلًا من المال، وهذا متناقض؛ لأنه يخبر تارة بأن سعيه ليس لأدنى معيشة، وتارة يخبر بأنه يطلب القليل، وذلك متناقض؛ والثاني: أنه قال في البيت الذي بعده:
ولَكِنَّمَا أسعى لمجد مُؤَثّلِ ... وقد يُدْرِكُ المجد المُؤَثّلَ أمثالي
فلهذا أعمل الأول ولم يعمل الثاني. وأما قول الآخر:
[40]
وقد نغنى بها ونرى عصورًا ... بها يُقْتَدْننا الخردَ الخِدالا
فنول: إنما أعمل الأول مراعاة لحركة الرويّ؛ فإن القصيدة منصوبة، وإعمال الأول جائز، فاستعمل الجائز ليخلص من عيب القافية، ولا خلاف في الجواز، وإنما الخلاف في الأولى، وكذلك أيضًا قول الآخر:
[41]
"ولما أن تحمل آل ليلى" ... سمعت ببينهم نعب الغرابا
يدل على الجواز، وهو مُعَارض بأمثاله.
وأما قولهم "إن الفعل الأول سابق فوجب إعماله للعناية به" قلنا: هم وإن كانوا يُعْنَوْنَ بالابتداء إلا أنهم يعنون بالمقاربة والجِوَار أكثر، على ما بيّنا في دليلنا.
وأما قولهم "لو أعملنا الثاني لأدَّى إلى الإضمار قبل الذكر" قلنا: إنما جوزنا ههنا الإضمار قبل الذكر لأن ما بعده يفسّره؛ لأنهم قد يتسغنون ببعض الألفاظ عن بعض إذا كان في الملفوظ دلالة على المحذوف لعلم المخاطب، قال الله تعالي: {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا َالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب: 35] فلم يعمل الآخر فيما أعمل فيه الأول استغناء عنه بما ذكره قبلُ، ولعلم المخاطب أن الثاني قد دخل في حكم الأول، وقال الله تعالى: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3] فاستغنى بذكر خبر الأول عن ذكر خبر الثاني؛ لعلم المخاطب أن الثاني قد دخل في ذلك، قال ضابئ البُرْجُمِيُّ:
[46]
فمن يَكُ أمسى بالمدينةِ رَحْلُةُ ... فإنِّي وقَيَّارٌ بها لغريبُ

[46] هذا البيت -كما قال المؤلف- لضابئ بن الحارث البرجمي، وقد استشهد به سيبويه "1/ 38" وابن هشام في مغني اللبيب "رقم 735" وفي أوضح المسالك "رقم 142" والأشموني "رقم 274" وقوله "رحله" هو هنا بمعنى منزله، ويروى في مكانه "رهطه" ورهط الرجل: أهله وقومه الأقربون، و"قيار" ذكر أبو زيد في نوادره أنه اسم جمل الشاعر، ونقل عن الخليل بن أحمد أنه اسم فرس الشاعر، والاستشهاد بالبيت في قوله "إني وقيار لغريب" =
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 78
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست