responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 75
وقال الآخر، وهو رجل من باهلة:
[44]
ولقد أرى تَغْنَى به سَيْفَانَةٌ ... تُصْبِي الحليم ومثلها أصْبَاهُ

= الجاهلية، وقد اشتهر بوصف الخيل، حتى قال عبد الملك بن مروان: من أراد أن يتعلم ركوب الخيل فليرو شعر طفيل، والبيت الشاهد في وصف الخيل أيضًا، وهو من شواهد سيبويه "1/ 39" وشرح المفصل "ص94" والأشموني "رقم 416" والمكمت: جمع أكمت وإن لم يكن هذا المفرد مستعملًا، وإنما المستعمل "كميت" بزنة المصغر، قال شارح الجمل: الكميت من الأسماء المصغرة التي لا تكبير لها، وهو مصغر أكمت تصغير الترخيم بمنزلة حميد من أحمد غير أن أكمت لم يستعمل، والكميت: الذي لونه الحمرة يخالطها سواد، ومدماة: شديدة الحمرة حتى كأنها قد طليت بالدم، والمتون: جمع متن، وهو الظهر، وجرى: سال، واستشعرت لون مذهب: جعلت هذا اللون شعارها وأصل الشعار -بزنة الكتاب- العلامة يتخذها المحارب ليعرف بها، أو هو ما يلي الجسد من الثياب، والمذهب -بزنة المكرم- المموه بالذهب. والاستشهاد به في قوله "جرى فوقها واستشعرت لون مذهب" فإن هذا الكلام من باب التنازع؛ فقد تقدم عاملان -وهما قوله جرى وقوله استشعرت- وتأخر عنهما معمول واحد -وهو قوله لون مذهب- وكل واحد من هذين العاملين يطلب هذا المعمول، وقد أعمل الشاعر العامل الثاني منهما في لفظ المعمول، ولو أعمل الأول منهما لرفع "لون مذهب" لأن الأول يطلبه فاعلًا، ولأني بضمير المعمول بارزا مع العامل الثاني، فكان يقول: جرى فوقها واستشعرته لون مذهب.
[44] هذا البيت من شواهد سيبويه أيضًا "1/ 39" ولم يزد في نسبته عما نقله المؤلف، وتغنى به: مضارع "غني بالمكان يغنى على مثال رضي يرضى" أي أقام، وتصبي الحليم: تورثه الصبوة، وهي الميل إلى شهوات الصبا وملذاته والاستشهاد به في قوله "أرى تغنى به سيفانة" فإن هذه العبارة من باب التنازع لتقدم عاملين -وهما قوله أرى وقوله تغنى به- وتأخر عنهما معمول واحد -وهو قوله سيفانة- وأول العاملين يطلب هذا المعمول مفعولا، وثانيهما يطلبه فاعلا، وقد أعمل الشاعر العامل الثاني في هذا المعمول؛ بدليل مجيئه مرفوعا، ونظير هذه الشواهد في إعمال العامل الثاني قول الشاعر:
إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب ... جهارًا فكن في الغيب أحفظ للود
وقول الآخر:
هوينني وهويت الغانيات إلى ... أن شبت فانصرفت عنهن آمالي
قول الآخر:
جفوني ولم أجف الأخلاء؛ إنني ... لغير جميل من خليلي مهمل
ثم نقول: قد تبين لك أن كلام العرب قد جاء بإعمال أول العاملين في لفظ المعمول المتأخر عنهما، وبإعمال العامل الثاني في لفظه أيضًا، ومن إعمال العامل الأول الشواهد التي استدل بها الكوفيون، ومن إعمال الثاني الشواهد التي استدل بها البصريون؛ فليس لواحد من الفريقين أن يدعي أن الاستعمال العربي يؤيده وحده؛ لأن الاستعمال العربي يؤيد كل واحد منهما، وكل ما هناك أنه يبقى سؤال، وهو هل العامل الأول أولى بالعمل =
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 75
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست