responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 74
فأعمل الفعل الثاني، وهو أفرغ، ولو أعمل الفعل الأول لقال: أفرغه عليه، وقال تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] فأعمل الثاني وهو اقرءوا، ولو أعمل الأول لقال: اقرءوه، وجاء في الحديث "ونَخْلَعُ ونَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ" فأعمل الثاني، ولو أعمل الأول لأظهر الضمير بُدًّا، وقال الشاعر وهو الفرزدق:
[42]
ولكنَّ نَصْفًا لو سَبَبْتُ وسَبَّنِي ... بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ مِنْ مَنْافٍ وهَاشِم
فأعمل الثاني، ولو أعمل الأول لقال "سببت وسبوني بني عبد شمس" بنصب "بني" وإظهار الضمير في سبني، وقال طُفَيْل الغَنَوِي:
[43]
وكُمْتًا مُدَمَّاةً كأن مُتُونَهَا ... جَرَى فوقها واستشعرت لون مُذْهَبِ

[42] هذا البيت كما قال المؤلف للفرزدق همام بن غالب، وهو من شواهد سيبويه "1/ 39" وابن يعيش "ص94" وهو في ديوان الفرزدق "ص844" ثاني بيتين، والبيت الذي قبله هو قوله:
وليس بعدل أن سببت مجاشعا ... بآبائي الشم الكرام الخضارم
وقوله فيما روى المؤلف "ولكن نصفا" أي إنصافًا وعدلًا، وفي الديوان "ولكن عدلًا" وقوله "بنو عبد شمس من مناف وهاشم" ليس بمستقيم؛ فإن هاشمًا ليس بابن عبد شمس، وإنما هو ابن عبد مناف، وقد جاء الفرزدق بهذه العبارة على وجها الصحيح مرارًا، من ذلك قوله من قصيدة يمدح فيها يزيد بن عبد الملك:
وإن لكم عيصا ألف غصونه ... له ظل بيتَي عبد شمس وهاشم
ومن ذلك قوله من قصيدة يهجو فيها أحد بني باهلة:
وهل في معد من كفاء نعده ... لنا غير بيتي عبد شمس وهاشم
ومن ذلك قوله من قصيدة يهجو فيها باهلة وبني عامر بن صعصعة وجريرًا:
ولو سُئِلْتُ مَنْ كُفْؤُ الشَّمْسِ أومأتُ ... إلى ابنَي مناف عبد شمس وهاشم
والاستشهاد بالبيت في قوله "سببت وسبني بني عبد شمس" فإن هذه العبارة من باب الاشتغال حيث تقدم فيها عاملان -وهما قوله سببت وقوله سبني- وتأخر عنهما معمول واحد هو قوله "بنو عبد شمس" والأول يطلبه مفعولا والثاني يطلبه فاعلا، وقد أعمل فيه الثاني، ولو أنه أعمل الأول لقال "سببت وسبوني بني عبد شمس" وهذا يدل على أن إعمال العامل الثاني في باب التنازع جائز، ولكنه كما قلنا من قبل لا يدل على أنه أولى من إعمال العامل الأول؛ وإذا كانت الشواهد الواردة عن العرب المحتج بكلامهم قد أعمل العامل الأول في بعضها وأعمل العامل الثاني في بعضا الآخر، فقد تكافأ العاملان في جواز الإعمال، ولم يبقَ أحدهما أولى من أخيه، فأما سبق الأول صاحبه وقرب الآخر من المعمول فلا يفيد، فإنا نعلم أن الأفعال تعمل متقدمة على المعمول ومتأخرة عنه، وتعمل متصلة بمعمولها ومنفصلة منه، وذلك كله واقع في أفصح كلام، ولهذا نرى أن الخلاف في هذه المسألة مما لا طائل له.
[43] هذا البيت -كما قال المؤلف- من قصيدة لطفيل بن كعب الغنوي، وهو من شعراء =
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست